كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا فَذَكَرْت الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ عَلَى تَفِئَةِ ذَلِكَ أَيْ عَلَى أَثَرِهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، وَكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ تَاءُ تَأْنِيثٍ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى عَلَى تَئِفَةِ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى الْفَاءِ، وَقَدْ تُشَدَّدُ قَالَ: وَالتَّاءُ فِيهِمَا زَائِدَةٌ عَلَى أَنَّهَا تَفْعِلَةٌ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لَوْ كَانَتْ تَفْعِلَةً لَكَانَتْ عَلَى وَزْنِ تَهْنِئَةٍ فَهِيَ إذًا لَوْلَا الْقَلْبُ لَكَانَتْ فَعِيلَةً لِأَجْلِ الْإِعْلَالِ، وَلَامُهَا هَمْزَةٌ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَتَيْته عَلَى تَفِئَةِ ذَاكَ أَيْ عَلَى حِينِهِ وَزَمَانِهِ حَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِيهِ الْهَمْزَ وَالْبَدَلَ، وَلَيْسَ عَلَى التَّخْفِيفِ الْقِيَاسِيِّ لِأَنَّهُ قَدْ اُعْتُدَّ بِهِ لُغَةً ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُقَالُ عَلَى تَيْئِفَةِ ذَاكَ كَتَفْيِئَةٍ فَعِلَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَتَفْعِلَةٌ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ، وَعَقَدَ الْجَوْهَرِيُّ مَادَّةَ تَفَأٍّ، وَقَالَ تَفِىءَ تَفْئًا إذَا احْتَدَّ وَغَضِبَ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا سَبَقَ مَأْخُوذًا مِنْ هَذَا فَإِنَّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَثَرِ الشَّيْءِ يَكُونُ فِي حِينِهِ وَفَوْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ اُبْتُلِيَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ اُمْتُحِنَ وَاخْتُبِرَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّمَا سَمَّاهُ ابْتِلَاءً لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَهُ فِي الْعَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58] ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ، وَالْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ الِاخْتِبَارِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ لِلتَّحْقِيرِ، وَهُوَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ بِشَيْءٍ يُصَدَّقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَةَ فَالْإِحْسَانُ إلَيْهَا سِتْرٌ مِنْ النَّارِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ السَّبْقُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الصَّحِيحِ «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى يَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ وَضَمَّ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» .
(السَّادِسَةُ) وَدَخَلَ فِي الْحَدِيثِ مَا إذَا كَانَ الْمُبْتَلَى بِذَلِكَ رَجُلًا، وَمَا إذَا كَانَ امْرَأَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَ الْمُرَبِّي لَهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ يَتِيمَةً أَمْ لَا.
(السَّابِعَةُ) الْمُرَادُ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ صِيَانَتُهُنَّ، وَالْقِيَامُ بِمَا يُصْلِحُهُنَّ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ وَغَيْرِهَا، وَالنَّظَرُ فِي أَصْلَحِ الْأَحْوَالِ لَهُنَّ، وَتَعْلِيمُهُنَّ مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ، وَتَأْدِيبُهُنَّ وَزَجْرُهُنَّ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِنَّ فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْسَانِ، وَإِنْ كَانَ بِنَهْرٍ أَوْ ضَرْبٍ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ

الصفحة 67