كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتَهُ فِي ذَلِكَ وَيَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَمِنْ تَمَامِ الْإِحْسَانِ أَنْ لَا يُظْهِرَ بِهِنَّ ضَجَرًا وَلَا قَلَقًا وَلَا كَرَاهَةً، وَلَا اسْتِثْقَالًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَدِّرُ الْإِحْسَانَ.
(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ أَيْ كُنَّ سَبَبًا فِي أَنْ يُبَاعِدَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ وَيُجِيرَهُ مِنْ دُخُولِهَا، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَا مَنْزِلَ سِوَاهُمَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الرِّوَايَةُ الَّتِي سُقْنَاهَا مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ.
(التَّاسِعَةُ) إنَّمَا خَصَّ الْبَنَاتَ بِذَلِكَ لِضَعْفِ قُوَّتِهِنَّ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِنَّ وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِنَّ وَاحْتِيَاجِهِنَّ إلَى التَّحْصِينِ وَزِيَادَةِ كُلْفَتِهِنَّ وَالِاسْتِثْقَالِ بِهِنَّ وَكَرَاهَتِهِنَّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُنَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى وَاقِعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ، وَيَكُونُ الصِّبْيَانُ كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا وَرَدَ فِي كَافِلِ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْأُنْثَى، وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَعَهَا ابْنَاهَا فَسَأَلَتْهُ فَأَعْطَاهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَمْرَةٌ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً فَأَكَلَا ثُمَّ نَظَرَا إلَى أُمِّهِمَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ نِصْفَيْنِ، وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ تَمْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رَحِمَهَا اللَّهُ بِرَحْمَةِ ابْنَيْهَا» ، وَفِي إسْنَادِهِ خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ يَتَكَلَّمُونَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ.
(الْعَاشِرَةُ) إنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْبَابَ عَقِبَ عِشْرَةِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ، وَمُعِينٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِزَوْجَتِهِ وَيُسَيِّئُ عِشْرَتَهَا لِكَثْرَةِ مَا تَلِدُ لَهُ مِنْ الْبَنَاتِ فَيَضُمُّ إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ لَهُنَّ سُوءَ عِشْرَةِ أُمِّهِنَّ بِسَبَبِهِنَّ فَإِذَا عَلِمَ مَا فِي الْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ مِنْ الثَّوَابِ هَانَ عَلَيْهِ أَمْرُهُنَّ، وَأَحْسَنَ إلَى أُمِّهِنَّ تَبَعًا لِإِحْسَانِهِ لَهُنَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يُنِيلُ الْإِنْسَانَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّحِيحِ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ، وَكَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا»

الصفحة 68