كتاب طرح التثريب في شرح التقريب (اسم الجزء: 8)

وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقِيدُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQذِكْرَهُ، وَرَهِينَةَ شُكْرِهِ؛ فَإِنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ، انْتَهَى.

[حَدِيث لَقِيدُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ]
(الْحَدِيثُ الرَّابِعُ) وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقِيدُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، أَوْ تَغْرُبُ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ، أَوْ مَوْضِعُ قَيْدِهِ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ «لَقِيدُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ» هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرُ يُقَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قِيدُ رُمْحٍ وَقَادُ رُمْحٍ أَيْ قَدْرُ رُمْحٍ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ» يُقَالُ بَيْنَهُمَا قَابُ قَوْسَيْنِ وَقِيبُ قَوْسَيْنِ بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ قَدْرُ قَوْسَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَيَحْتَمِلُ قَدْرَ رَمْيَتِهِمَا (قُلْت) هَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «لَقِيدُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ» وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ (مَوْضِعُ قِدِّهِ) هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَالْمُرَادُ بِالْقِدِّ هُنَا السَّوْطِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ وَسُمِّيَ السَّوْطُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَدُّ أَيْ يُقْطَعُ طُولًا، وَالْقَدُّ الشَّقُّ بِالطُّولِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ، وَالْقِدَّةُ أَخَصُّ مِنْهُ وَحَكَى فِي الْمَشَارِقِ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِدِّ هُنَا الشِّرَاكُ.
(الثَّالِثَةُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ تَقْدِيرٌ أَيْ لَقَدْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسَعُ سَوْطَهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ ذَلِكَ وَعَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ فَفِيهِ تَعْظِيمُ شَأْنِ الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي الْعَادَةِ خَيْرٌ مِنْ مَجْمُوعِ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا.
(الرَّابِعَةُ)

الصفحة 272