191…
ولما راينا رسم من لم يدع لنا ... فوادا العرفان الرسوم لها فلا
نزلنا عن الاكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه ان نلم به ركبا
وينبغي ان يغتسل عند دخولها او يتوضا كما ذكرنا في دخول مكة ويلبس انظف ثيابه والجديد افضل ويتطيب ثم يدخل المدينة الشريفة قائلا باسم الله رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا وليكن خاضعا خاشعا مظما لحرمتها مكثرا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدا المسجد الشريف وليحضر في نفسه شرف البقعة وجلاله من شرف الايمان وليكن ممتلئ القلب من هيبته صلى الله عليه وسلم كانه يراه وليمثل في نفسه اذا مشى مواضع الاقدام الشريفة (ق245) النبوية فلعله في موضع قدميه العزيزتين فلا يضع قدمه الا بسكينة ووقار كما كان صلى الله عليه وسلم يمشي.
ومن الادب اذا دخلها الا يركب فيها كما كان مالك رحمه الله تعالى يفعل وكان يقول استحيي من الله عز وجل ان اطا تربة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة.
فاذا وصل باب المسجد الشريف فيدخل من باب جبريل عليه السلام وبقدمه ورجله اليمنى في الدخول واليسرى في الخروج وليقل ما قدمناه في دخول المسجد الحرام وليدخل بخضوع وتذلل وادب حامدا الله تعالى شاكرا له على نعمته عليه، واستحب العلماء ان يقصد اول دخوله الروضة المقدسة وهي بين المنبر والقبر المقدس فيصلى تحية المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحضرة وفي غيره من الروضة او من المسجد فاذا صلى التحية سجد شكرا لله تعالى على ما انعم به عليه وساله اتمام النعمة بقبول زيارته.
قال الكرماني (1): ويسجد بعد تحية المسجد سجدة شكر لله تعالى (ق244) على وصوله الى تلك البقعة الشريفة والروضة المنيفة، وفي الاختيار يسجد شكرا لله تعالى على…
__________
(1) هو عبد الرحمن بن محمد بن اميروية ابو الفضل الكرماني، فقيه حنفي، انتهت اليه رياسة المذهب بخرسان، مولده سنة 457هـ، ووفاته سنة 543هـ، من كتبه التجريد في الفقه، والايضاح في شرح التجريد، وشرح الجامع الكبير، والفتاوي.