كتاب تاريخ المدينة لقطب الدين الحنفي

23…وقتلوا ملكهم، وكان يقال له الأرقم بن أبى الأرقم، واستحيوا ابنا له شابا وقدموا به فقُبض موسى عليه السلام قبل قدومهم.
فتلقتهم بنو اسرائيل فوجدوا الغلام معهم فقالوا: ان هذه لمعصية منكم لما خالفتم من أمر نبيكم، والله لا تدخلوا علينا بلادنا، وحالوا بينهم وبين الشام فرجعوا فسكنوا الحجاز وكانت الحجاز اذ ذاك شجر (ق4) بلاد الله تعالى واظهر ماء.
قالوا: وكان هذا اول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق وكان جميعهم بزهرة بعين الحرة والسافلة مما يلى القف، وكانت لهم الأموال بالسافلة ونزل جمهورهم بمكان يقال له يثرب بمجتمع السيول، سيل بطحان والعقيق (1) وسيل قناة مما يلى زغاية، وخرجت قريظة وأخوتهم بنو هدل معا وهم بنو الخزرج والنضير بن النحام بن الخزرج.
وقيل قريظة والنضير أخوان، وهما ابنا الخزرج بن الصريح، فخرجوا بعد هؤلاء فتتبعوا آثارهم فنزلوا بالعالية على واديين يقال لهما مذينب ومهزوز، فنزلت بنو النضير على مذينب (2) واتخذوا عليه الأموال، ونزلت قريظة وهذل على مهزور، واتخذوا عليه الأموال وكانوا أول من احتفر بها الآبار واغترس الأموال وابتنى الآطام والمنازل، فكان جميع ما ابتنى اليهود بالمدينة من الآطام تسعة وخمسين أطما والآطام الحصون واحدها أطم (ق5).

__________
(1) بفتح أوله وكسر ثانيه وقافين بينهما ياء مثناة من تحت.
قال أبو منصور: والعرب تقول لكل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه عقيق، وقال الأصمعى: الاعقة الأودية.
انظر: معجم البلدان 4/ 138 - 139.
(2) بوزن تصغير المذنب وأصله مسيل الماء بحضيض الأرض بين تلعتين.
وقال ابن شميل: المذنب كهيئة الجدول يسيل عن الروضة ماؤها الى غيرها فتفرق ماءها فيها والتى يسيل عليها الماء مذنب أيضاً، وقال ابن الأعرابى: مذنب الوادى، والمذنب الطويل الذنب.
انظر: معجم البلدان 5/ 91.

الصفحة 23