كتاب تاريخ المدينة لقطب الدين الحنفي

32…قصدته وفود العرب بالتهنئة وخرج اليه وفد قريش وفيهم عبد المطلب الى صنعاء وهو في قصره المعروف بعمدان، فلما دخلوا عليه وأنفق ما أنفق قال سيف لعبد المطلب انى وجدت في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذى اخترناه لأنفسنا دون غيرنا خبرا جسيما وخطرا عظيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة وهو للناس عامة ولرهطك كافة وللخاصة، ثم قال: اذا ولد بتهامة غلام به علامة كانت له الاماة ولكم به الزعامة الى يوم القيامة ولولا أن الموت يجتاحنى قبل مبعثه لسرت بخيلى ورجلى حتى أصير يثرب دار ملكى فانى أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب استحكام ملكه وأهل نصرته (ق14) وموضع قبره، ولولا أنى أقيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأوطأته العرب، ولكنه صارف اليك ذلك عن غير يقين من معك، ثم أمر لكل واحد من قومه بجائزة وأجاز عبد المطلب بأضعافها ثم قال: ائتنى بخبره وما يكون من أمره على رأس الحول، فمات سيف قبل ان يحول عليه الحول.
وقد جاء في بعض الأحاديث: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفته في التوراة: ((عبدى أحمد المختار مولده بمكة ومهاجره بالمدينة)) أو قال طيبة ((أمته الحمادون لله تعالى على كل حال)) وقيل معنى قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى) (1) اى ضالا عن الهجرة فهداك اليها، وقيل وجدك ضالا بين مكة والمدينة فهداك الى المدينة.
وقيل في قوله عز وجل: (التائبون العابدون الحامدون السائحون) (2) ان السائحين المهاجرون وقيل لم يهاجر صلى الله عليه وسلم حتى طلب الهجرة لقوله تعالى (ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك (ق15) نصيراً) (3) فالداعى محمد صلى الله عليه وسلم والقرية مكة والوالى والنصير الأنصار.

__________
(1) 7 ك الضحى 93.
(2) 112 م التوبة 9.
(3) 75 م النساء 4.

الصفحة 32