كتاب تاريخ المدينة لقطب الدين الحنفي

43…
ذكر حرمة المدينة الشريفة
روى القاضى عياض (1) في الشفاء أن مالك بن أنس (2) رحمه الله تعالى كان لا يركب في المدينة دابة، وكان (ق26) يقول لى: استحى من الله تعالى أن أطأ تربة فيها تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابتى.
ويرى أنه وهب للشافعى (3) رحمه الله تعالى كراعا كبيراً كان عنده، فقال له الشافعى: أمسك منها دابة، فأجابه بمثل هذا الجواب، وقد أفتى مالك رحمه الله تعالى فيمن قال تربة المدينة ردية بضربه ثلاثين درة وأمر بحبسه وكان له قدر، وقال: ما أحوجه الى ضرب عنقه، تربة دفن فيها النبى صلى الله عليه وسلم يزعم انها غير طيبة.

__________
(1) هو القاضى عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض، أبو الفضل اليحصبى السبتى الحافظ، ولد سنة 476 هـ، أجاز له أبو على الغسانى، وتفقه وصنف التصانيف التى سارت بها الركبان كالشفاء، وطبقات المالكية، وشرح مسلم والمشارق في الغريب، وشرح حديث أم زرع، والتاريخ، وغير ذلك.
ولى قضاء سبتة ثم غرناطة، مات سنة 544 هـ بمراكش.
(2) هو الامام مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحى الحميرى أبو عبد الله المدنى، روى عن نافع ومحمد بن المنكدر، وجعفر الصادق وحميد الطويل، وخلق، وعنه الشافعى ...
قال: ابن المدينى: له نحو ألف حديث، قال البخارى: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، وقال الشافعى: اذا جاد الأثر فمالك النجم.
مات سنة 179 هـ.
(3) هو أبو عبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عبد مناف القرشى المطلبى المكى، نزيل مصر، ولد بغزة سنة 150 هـ وحمل الى مكة وهو ابن سنتين، روى عن عمه محمد بن على وأبى أسامة وسعيد ابن سالم القداح، وابن عيينة ومالك وابن علية وابن أبى فديك، وخلق.
قال المزنى: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر، مات سنة 204 هـ.

الصفحة 43