كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

وَالْمَذْيُ وَالْوَدْيُ نَجِسٌ
قال ابنُ شاس: المذي نجسٌ بإجماع، وفي معناه الودي.
ابن هارون بعد حكاية الإجماع: يحتمل أن يكون ذلك من الآدمي والمحرَّم، وأما المباح ففيه نظر، إن أجرينا ذلك مجرى بوله فيكون طاهرًا، وإن أجريناه مجرى المني فيختلف فيه على قولين كما سيأتي.
والمذي بالذال المعجمة، وفيه لغتان: سكون الذال وتخفيف الياء، والثانية كسر الذال وتشديد الياء.
والوذي أيضاً بالوجهين مثله. ويقال بالدال المهملة أيضاً.
وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَنِيَّ نَجِسٌ، فَقِيلَ: لأَصْلِهِ. وَقِيلَ: لِمَجْرَى الْبَوْلِ. [6/أ] وَعَلَيْهِمَا مَنِيُّ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ ....
يعني: اختُلف في المني هل هو نجسٌ أو طاهرُ الأصلِ ولكنه تَنَجَّسَ لَمِمَرِّهِ على وضعِ البولِ؟
ويَنبني على القولين مَنِيُّ المباحِ، فعلى القولِ الأولِ يكون نجسًا، وعلى الثاني يكون طاهرًا، وكذلك المكروهُ.
فإن قلت: ما فائدةُ نسبةِ هذه المسألةِ إلى المذهبِ؟ وهل ذلك إشارةٌ إلى خلافِ أو للتَّبَرِّي لإِشكالها كما يقول؟ قالوا: فالجواب: أنا لا نَعلم في المذهب خلافًا، ويحتمل أن يكون ذلك لإشكالِ مأخذِ المسألة، فإنه وإن اختلفت الآثار عن عائشة رضي الله عنها في غسلِها له وفركِها، فالغسلُ يكون لما هو أعمُّ مِن النجاسة، إذ يكون للنظافة، ولا إِشعارَ للأعمِّ بالأخصِّ. على أنه قد يقال: لا دلالةَ في منى نبينا صلى الله عليه وسلم لادِّعاءِ أنه مِنْهُ طاهرٌ، وإن كان مِن غَيْرِه نجسًا.

الصفحة 33