كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

وقوله: (وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ) يعني: إذا قلنا بالصحة فقصر أو أتم فأجر حكم المأمومين فيما يصنعونه على ما تقدم. فإن قصر أتم المقيمون أفذاذاً بعد سلامه، وإن أتم أعاد هو ومن اتبعه من مسافر ومقيم في الوقت. وأعاد من لم يتبعه أبداً على الأصح.
وَرَوى ابْنُ الْقَاسِمِ: لا يَقْتَدِي بمُقِيمٍ، فَإِنِ اقْتَدَى أَتَمَّ وَصَحَّتْ. وَقَالَ: وَلا يُعِيدُ. وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِثلَهُ، وَقَالَ: وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إلا فِي الْمَسَاجِدِ الكِبَارِ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحٍ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْقَصْرِ أَوِ الْعَكْسِ.
معناه: لا ينبغي أن يأتم المسافر بالمقيم؛ لأنه يلزمه اتباعه على ظاهر المذهب، فتذهب في حقه السنة. وعلى قول أشهب بالجلوس حتى يسلم الإمام فيسلم بسلامه يكره له أيضاً [83/ ب] لمخالفة الإمام، وما ذكره المصنف أنه رواية ابن القاسم هو المشهور. قال في الجواهر: ورواه أيضاً ابن الماجشون. وروى ابن شعبان: لا بأس بصلاة المسافر خلف المقيم لفضله وسنه وفهمه. ومنشأ الخلاف النظر إلى الترجيح بين فضيلتي الجماعة والقصر. انتهى. ولم يحكِ في الجواهر إلا هذين القولين.
وقال اللخمي: اختلف في صلاة المسافر على القول بالسنية: هل الأفضل القصر أو الجماعة إتماماً؟ لأن الجماعة أيضاً سنة ويتضاعف الأجر فيها بسبعة وعشرين ضعفاً. وكان ابن عمر يقدم الجماعة، فإذا قدم مكة صلى مأموماً، وهو الظاهر من قول مالك. ثم حكى الروايتين اللتين حكاهما في الجواهر.
وقوله: (وَقَالَ: لا يُعِيدُ ... إلخ) قال في الجواهر: أعاد عند ابن الماجشون في الوقت، ولم يعد عند ابن القاسم. وكذلك روى مطرف أن الإعادة عليه. وروى ابن الماجشون وأشهب أنه يعيد في الوقت، إلا أن يكون في أحد مسجدي الحرمين، ومساجد الأمصار الكبار. انتهى.

الصفحة 17