كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

عليه وسلم: "ممن أراد الحج والعمرة" فعلق ذلك بالإرادة، وإذا فرعنا على الأشهر، فهل يجب عليهم الدم؟ الأشهر سقوطه، وهو مذهب المدونة؛ لأن الدم إنما يجب لنقص في أحد النسكين. وفهم اللخمي من سقوط الدم عدم الوجوب، فإنه قال: وذكر أبو الحسن بن القصار عن مالك انه استحب أن يدخل حراماً، وإلى هذا يرجع قوله في المدونة؛ لأنه قال: إن فعل فلا هدي عليه. وذكر عبد الوهاب عنه أنه قال: عليه الدم. انتهى.
وقال ابن بشير: بل مذهب المدونه على الوجوب، وسقط الدم مراعاة للخلاف، وتبع المصنف هنا ابن بشير، فلذلك قال: إنه يجب على الأشهر.
وَلَوْ تَجَاوَزَ فَأَحْرَمَ فَفَسَدَ لَمْ يَسْقُطْ، وَفِي سُقُوطِهِ بِالْفَوَاتِ قَوْلانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ
يعني: إذا تجاوز الميقات مُرِيدَ الحج ثم أحرم وأفسده لزمه الدم؛ لأنه يلزم التمادي في فاسده. واختلف إذا فاته الحج وآل عمله إلى عمرة فقال ابن القاسم: الدم ساقط عنه؛ لأن الحج لم يتم والعمرة لم يردها، وإنما آل عله إليها بالسنة، فصار بمنزلة من تعدى الميقات غير قاصد لحج أو عمرة، وألزمه أشهب، لأن بإحرامه لزم الدم.
فرع:
قال في الجلاب: ومن جاوز الميقات لحاجة له دون مكة ثم عزم على الإحرام فليحرم من مكانه ولا شيء عليه.
ولو تَجَاوَزَ الْعَبْدُ أَوِ الصَّبِيُّ فَأُعْتِقَ أَوْ بَلَغَ أَحْرَمَ عَنْ فَرِيضَتِهِ، وَلَوْ بِعَرَفَاتٍ لَيْلَتَهَا وَلا دَمَ، كَمَا لَوْ أسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ ...
يعني: أن من لا يخاطب بالحج من صبي أو عبد أو غير مسلم إذا مروا بالميقات فجاوزوه، ثم من بعد ذلك صاروا من أهل الوجوب فأحرموا بالحج، فلا دم عليهم لتعدي الميقات، وهو ظاهر.

الصفحة 534