كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

فَلَوْ أَحْرَمَ وَطَافَ وَسَعَى خَرَجَ وَأَعَادَ، فَلَوْ حَلَقَ وَخَرَجَ أَعَادَ وَعَلَيْهِ دَمٌ عَلَى الأَصَحِّ
هذا مما يدل على أن الإحرام بها من الحرم صحيح، يعني: فلو أحرم بالعمرة من الحرم صح هذا الإحرام، ولكن شرط صحة فعلها أن يتقدمه الخروج إلى الحل، فلذلك لو طاف وسعى قبل خروجه خرج ثم أتى بالطواف والسعي؛ لكونهما وقعا بدون شرطهما، وإن حلق أعادهما أيضاً وعليه دم؛ لكونه حلق وهو محرم. ومقابل الأصح لأشهب في الموازية، والأصح له أيضاً في غيرها.
ابن بشير: ورأى بعضهم اللزوم، وهو الأصح. والذي في كتاب محمد: غلط؛ لأنه حلق قبل التحلل. انتهى. وقد يقال: إن هذا القائل يرى أن من شرط صحة انعقادها الخروج إلى الحل، وكذلك قال ابن راشد، وفيه نظر؛ لأن ظاهر كلام المصنف وغيره أنه مأمور بالخروج بالاتفاق، ولو كان إحرامه غير منعقد لم يلزم بالخروج.
وَعَرَفَةُ حِلٌّ، وَالأَفْضَلُ الْجِعْرَانَةُ أَوْ التَّنْعِيمُ
هذا يحتمل معنيين: أحدهما – وهو المتبادر -: أنه يكفي المعتمر في تصحيح عمرته أن يخرج إلى عرفة. والثاني: أن يكون جواباً ن سؤال مقدر، كأن قائلاً قال: ما الفرق بين جواز إنشاء الحج من مكة والعمرة؟ فأجاب بأنه لابد في كل من النسكين من الجمع بين الحل والحرم، وذلك حاصل في الحج بخروجه إلى عرفة، ولا كذلك العمرة، والاحتمال الأول أولى؛ لأن قوله: (وَالأَفْضَلُ الْجِعْرَانةُ أَوِ التَّنْعِيمُ) لا يناسب الثاني، وإنما كان الأفضل لموافقة فعله عليه الصلاة والسلام في إحرامه من الجعرانة، وأمره لعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن يخرج بعائشة رضي الله عنها إلى التنعيم.

الصفحة 536