كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

وَتَنْقَضِي الْعُمْرَةُ بِالطّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ
اعلم أن العمرة هي: إحرام وطواف وسعي وحلق. والثلاثة الأوَل أركان، والرابع ينجبر بالدم. فقوله: (تَنْقَضِي الْعُمْرَةُ) أي: كمال العمرة، وإلا فالعمرة تصح بدون الحلاق.
وَأَدَاؤُهُمَا عَلَى ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ الإِفْرَادُ بِالْحَجِّ وَهُوَ أُفْضَلُ عَلَى الْمَنْصُوصِ، ثُمَّ الْقِرَانُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ، وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ فِيهِمَا ...
الضمير في (أَدَاؤُهُمَا) عائد على الحج والعمرة، والإفراد وإن لم يكن مستلزماً للعمرة، لكنه إذا أتى بالعمرة بعد الحج فقد أتى بهما، وإن كان حجه إفراداً. والمذهب أن الإفراد أفضل. ومقابل المنصوص للخمي: أن التمتع أفضل منهما. وقال أشهب وصاحب التلقين بتقديم الثالث على الثاني خاصة، وإليه أشار بقوله: (وَقِيلَ: بالْعَكْسِ فِيهِمَا). وعن أشهب: القران أحب إليّ من التمتع، قال: وإن قدم وبينه وبين الحج طول زمان يشتد عليه فيه الإحرام ويخاف على أصحابه قلة الصبر فالتمتع أحب إلي. نقله التونسي. وظاهره أنه قول ثالث؛ لأنه جعله يختلف باختلاف الأحوال. واستدلت الأشياخ بما رواه مالك والبخاري وغيرهما: أنه عليه الصلاة والسلام أفرد الحج. واتصل عمل الخلفاء والأئمة بذلك. ولولا الإطالة لذكرت لك طرفاً مما ذكروه. وفي الاستدلال على أفضلية القران على التمتع من السنة عسر، وإنما رعوا فيه كون التمتع فيه ترخص بالخروج عن الإحرام.
وَالْقِرَانُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعاً، أَوْ يَدْخُلُ الْحَجَّ قَبْلَ الطَّوَافِ فَتَنْدَرِجُ الْعُمَرَةُ فِي الْحَجِّ
يعني: أن القران على وجهين: أحدهما: أن يحرم بالحج والعمرة معاً. قال علماؤنا: ويقدم العمرة في نيته؛ رادفاً الحج على العمرة دون العكس، فإن قدم الحج على العمرة فقال الأبهري: يجزئه. الباجي: ومعنى ذلك أنه نواهما جميعاً. والوجه الثاني: أن يحرم أولاً

الصفحة 537