كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

بالعمرة ثم يردف الحج، لا يبقى للعمرة فعل ظاهر، وهو معنى قوله: (فَتَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ في الْحَجِ).
فَإِنَّ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ كُرِهَ وَكَانَ [180/ أ] قَارِناً بِذَلِكَ خِلافا لأَشْهَبَ، وَقِيلَ: وَلَوْ رَكَعَ، وَقيِلَ: وفي السَّعْي ....
حاصله إن لم يشرع في الطواف كان له الإرداف من غير كراهة، واختلف إن شرع، ففي المدونة: إذا طاف بالنية ولم يركع كره له أن يردف وإن فعل صار قارئاً. ومقتضى كلام المصنف أن بمجرد الشروع في الطواف يكره الإرداف عند ابن القاسم، وليس كذلك، بل هو جائز عنده وإن أتم الطواف ما لم يركع، قاله ابن يونس. وقوله: (خِلافاً لأَشْهَبَ) هكذا نقل الباجي عن أشهب وابن عبد الحكم أن بالشروع يفوت الإرداف. وفي الجلاب قال أشهب: إذا طاف من عمرته شوطاً واحداً ثم أحرم بالحج لم يلزمه إحرامه ولم يكن به قارناً، ومضى على عمرته حتى يتمها. واعلم أن أشهب إنما يقول بفوات الإرداف إذا طاف شوطاً بشرط أن يتمادى على كمال الطواف، وأما لو قطعه لصح عنده الإرداف، نقله اللخمي وعياض وغيرهما.
واختلف قول مالك وابن القاسم إذا أتم الطواف ولم يركع، هل يردف أم لا؟ فإن أتمه وركع لم يردف. وعن مالك أنه يردف وإن كان في السعي ما لم يتم ويفرغ منه، أما لو أكمل سعيه فإن لا يكون مردفاً اتفاقاً.
فرع: ومن النوادر في الموازية: ومن تمتع ثم ذكر بعد أن حل من حجه أنه نسي شوطاً لا يدري أمن عمرته أو من حجه. فإن لم يكن أصاب النساء رجع فطاف وسعى وأهدى لمتعته، وإن كان من العمرة صار قارئاً، قاله ابن القاسم وعبد الملك، وأشهب يوافقهما في هذه المسألة؛ لأنه وإن كان يرى أن المعتمر إذا طاف شوطاً لا يرتدف حجه،

الصفحة 538