كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

وَالتَّمَتُّعُ أَنْ يُفْرِدَ الْعُمَرَةَ ثُمَّ الْحَجَّ
ظاهره: ثم يفر الحج، وفيه نظر؛ لأنه لو أتى بعمرة في أشهر الحج ثم احرم بحجة وعمرة معاً، كان متمتعاً قارناً اتفاقاً ووجب عليه دمان، دم لمتعته ودم لقرانه. وقال بعض القرويين: يحتمل أن لا يكون عليه إلا هدي واحد؛ لما ثبت في الشرع من قاعدة التداخل، فينبغي على هذا أن يكون تقديره، ثم ينشئ الحج.
وَلِوُجُوبِ الدَّمِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: الأَوَّلُ: أَلا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِيِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، لأَنَّ الْحَاضِرَ لا يُرْبَحُ مِيقَاتاً لَكِنَّهُ يُفَعَلُ فِعْلَهُمْ ....
الأصل في هذا الشرط قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ثم قال: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} فقوله: (ذَلِك) عائد على ما استيسر من الهدي عند مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: عليه الهدي. والإشارة إلى جواز التمتع الذي دل عليه قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}. وعلل المصنف سقوط الدم عن الحاضر بكونه لم يربح ميقاتاً، بل أتى بالحج والعمرة من ميقاتهما، بخلاف الآفاقي، فإنه أسقط احد السفرين.
وقوله: (لم يريح ميقاتاً) تبع فيها ابن شاس. وصوابه أن يقول: لم يربح سفراً، إذ لو رجع إلى الميقات لم يسقط عنه الدم عندنا، وإنما يسقط بالعود إلى بلده أو مثله، على أن بعض القرويين قال: لا يصح التعليل بإسقاط أحد السفرين؛ لأنه لو حل من عمرته في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى حج من عامه لم يكن متتعاً بإجماع. وهو قد أسقط أحد السفرين. قال: وإنما سمي متمتعاً لإحلاله الذي أحدثه فيما بين حجه وعمرته. والحاضر وإن سقط عنه الدم، فهو يفعل فعل الآفاقيين. ولمَّا علل سقوط الدم بالحضور بينه بقوله:

الصفحة 542