كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

وعلى هذا فإطلاق المصنف التوطن على طول الإقامة مجاز لأن حقيقة التوطن الإقامة بنية عدم الانتقال. ويَبِينُ لك أن مراده بالتوطن ما قلناه ما وقع في بعض النسخ، وعليها تكلم ابن هارون عوض قوله: (وَلَوْ تَوَطِّنَ غَيْرَهَا)، (ولم يوطن غيرها) وشمل قوله: (الْخَارِجُ): الخارج من أهلها وغيرهم وهو صحيح. فقد قال مالك في العتبية والموازية: إنه ليس على من ترك أهله بمكة من أهل الآفاق وخرج لغزو أو تجارة إذا قدم في أشهر الحج متعة، كما ليس على أهل مكة متعة. قال محمد: معناه: أنه دخل للسكنى قبل أن يحرم للعمرة، وكذلك قال في البيان: معناه: أنه قدم قبل أشهر الحج، فترك أهله بها على نية الاستيطان بها، ثم خرج لتجارة أو غزو فقدم معتمراً في أِهر الحج، وكذلك لو سكنها بغير أهْلِ قبل أن يتمتع. قاله ابن المواز انتهى. وإلى هذا أشار بقوله: (كَانَ لَهُ أَهْلَ أَمْ لا؟).
وَالْمُنْقَطِعُ إِلَيْهَا كَأَهْلِهَا، كَمَا أَنَّ الْمُنْقَطِعَ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِهَا وَالدَّاخِلَ لا بِنِيَّةِ إِقَامَةٍ بِخِلاَفِهِمْ .....
أي: المنقطع إليها كالمجاور في سقوط الدم كأهلها. وقوله: (كَمَا أَنْ الْمُنْقَطِعَ ... إلخ) ابن هارون: أي كما أن أهل مكة إذا انقطعوا لغيرها والداخل إليها لا بنية الإقامة كغيرهم وحكمهم في وجوب الدم كسائر الآفاقين.
وَذُو أَهْلَيْنِ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا. قَالَ مَالِكٌ: مِنْ مُشْتَبِهَاتِ الأُمُورِ، وَالاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ أَعْجَبُ إِلَيَّ، وَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِزِيادَةِ الإِقَامَةِ
يعني: أن من كان له أهل بمكة وأهل بغيرها وكان يقيم مرة هنا ومرة هنا، فقدم مكة معتمراً في أشهر الحج – فقال مالك في المدونة: هاذ من مشتبهات الأمور والأحوط له أن يهدي. وقوله: (وَيُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بزِيَادَةِ الإِقَامَةِ) هو من كلام أشهب. ومعناه أنه إن كان

الصفحة 544