كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وَفِي اشْتِرَاطِ عِلْمِهِ بعَرَفَةَ قَوْلانِ، وَفِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْجَاهِلِ بِهَا– ثَالِثُهَا: لابْنِ الْقَاسِمِ لا يُجْزِئُ الْجَاهِلُ ....
فرأى في القول بالاشتراط أنه لا بد من العلم لستشعر بالقربة، وهو قول محمد، ورأى في آخر أن القصد الوقوف وقد حصل. وهو يأتي على ما حكاه ابن المنزر عن مالك كما تقدم. والقولان المتقابلان في المغمى عليه والجاهل مبنيان على اشتراط العلم وعدمه. ابن عبد السلام: والمشهور يجزئ المغمى عليه. ومفهوم قوله: (قَبْلَ الزَّوَالِ) أنه إذا كان بعده أنه يجزئه. وفي اللخمي: قال مالك فيمن أتى عرفة وهو مغمى عليه، ودفعوا به على حالته، قال– يجزئه. وروى مطرف وابن الماجشون إن أغمي عليه قبل الزوال لم يجزأه، وإن أغمي عليه بعده فإن كان ذلك قبل أن يقف أجزأه لو اتصل به الإغماء حتى دفع به، وليس عليه أن يقف ثانيًا إن أفاق في بقية ليلته، وهو كالذي يغمى عليه في رمضان قبل الفجر فلا يجزئه، وإن طلع عليه الفجر وهو في عقله ثم أغمى عليه بعد ذلك لم يضره. وقال في مختصر ما ليس في المختصر: إن وقف صحيحًا ثم أغمي عليه بعد ذلك أجزأه، وإن وقف مغميًا عليه فلم يقف حتى طلع الفجر لم يجزأه. انتهى.
وَالْوَقْتُ بَاقٍ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَوْ أَنْشَأَ الإحرام فِيهَا أَجْزَأَهُ
لما أخرجه النسائي والترمذي وصححه عن عبد الرحمن بن يعمر قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، وأتاه ناس من نجد فأمروا رجلاً فسأله عن الحج، فقال: "الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل صلاة الصبح فقد أدرك حجه". وروى الترمذي: (قبل طلوع الفجر).
تنبيه:
وإذا غربت الشمس فقد حصل الوقوف الركني، والأفضل ألا يدفع قبل الإمام. قاله في المدونة. قوله: (وَلَوْ أَنْشَأَ الإحرام فِيهَا أَجْزَأَهُ) [191/ أ] ظاهر.

الصفحة 16