كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

والمأزمان: قال في التنبيهات: مهموز مكسور الزاي ومفتوح الميمين مثنى. قيل لمالك في المدونة: فإن أتى المزدلفة قبل الشفق؟ قال: هذا ما لا أظنه يكون، ولو كان ما أحببت له أن يصلي حتى يغيب الشفق، وهكذا قال ابن القاسم وابن حبيب: لا يصلي حتى يغيب الشفق. وقال أشهب: إن وصل قبل مغيب الشفق صلى حينئذ. قال مالك في العتبية: وإذا أتى المزدلفة فلا بأس أن يبدأ بحط الرحل الخفيف قبل الصلاة وأما حط المحامل والزوامل فلا أرى ذلك، وليبدأ بالصلاة ثم يحط. وقال أشهب: حط رحل من أتى المزدلفة بعد أن يصلي المغرب أحب إلي ما لم يضطر إلى غير ذلك؛ لثقل دابته ونحوه، فإذا صلى المغرب حط رجله – إن شاء – قبل صلاة العشاء وإن لم يكن بدابته ثقل؛ لأن ذلك قريب لا تفاوت فيه بين الصلاتين، ولا يتعشى قبل المغرب وإن خفف عشاءه، وليصل المغرب ثم يتعشى قبل صلاة الشعاء إن كان عشاؤه خفيفًا، وإن كان عشاؤه فيه طول فليؤخره حتى يصل العشاء أحب إلى. وفي الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب بها ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله [191/ ب] ثم أقيمت صلاة العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما شيئًا. وروى ابن مسعود: لما نزل صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة صلى بهم المغرب ثم وضعوا رحالهم وتعشوا ثم صلوا العشاء.
وَمَنْ لَمْ يَقِفْ إِلا بَعْدَ دَفْعِ الإِمَامِ صَلْى كُلَّ صَلاةٍ لِوَقْتِهَا، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ الثُّلُثِ أَوِ النِّصْفِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ....
قوله: (كُلَّ صَلاةٍ) أي: من المغرب والعشاء (لِوَقْتِهَا) وهو قول ابن المواز قال في النوادر: ووجهه أن الجمع إنما ورد في حق من وقف مع الإمام. قال ابن القاسم: إن طمع أن يقف ويرجع إلى مزدلفة في ثلث الليل رأيت أن يؤخر إلى مزدلفة فيجمع بينهما.
ابن بشير: وعلى القول بأن وقت العشاء إلى نصف الليل يؤخر إن كان يدرك قبله، وهو معنى قوله: (أَوِ النِّصْفِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) ونقل عن مالك قول ثالث: أنه يجمع بينهما سواء راح أو لم يرح كمن وقف مع الإمام.

الصفحة 19