كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وليس هذا خاصاً فيمن تركهما معاً، بل لو ترك الطواف فقط. والظاهر في التعليل هو الثاني؛ لأنه لو كان التعليل أولاً صحيحاً لزم في حق من أخر طواف الإفاضة عشرة أيام مثلاً الدم، وليس كذلك على المشهور.
ثُمَّ يَعُودُ إِلَى مِنَى لِلْمَبِيتِ، وَيَبِيتُ بِمِنَى ثَلاثَ لَيَالٍ، والْمُتَعَجِّلُ لَيْلَتَيْن

تصوره ظاهر. وفي قوله: (لِلْمَبِيتِ) إشارة إلى أنه لا يلزم الرجوع على الفور، نعم هو راجح.
وفي الموازية والعتبية فيمن أفاض ثم أراد أن ينتقل بطواف أو طوافين قال: ما هو من عمل الناس، وأرجو أن يكون خفيفاً، وإن سمع الأذان فواسع أن يخرج أو يقيم حتى يصلي. زاد في الموازية: وإن أقيمت الصلاة فله أن يبيت ليصلي. قال عنه أشهب: وإن أفاض يوم الجمعة هل يقيم حتي يصلي الجمعة؟ قال: أحب إلى أن يرجع إلى منى. قال مالك في الموازية: وللرجل أن يطلع على أهله بمكة أيام منى ليصيب منهم وينظر في ظهر له ما لم يختلف كل يوم أو يطيل الإقامة. واستثنى أهل المذهب من لزوم المبيت بمني الرعاة ومن ولي السقاية. أما الرعاة فيأتي الكلام عليهم. وأما من ولي السقاية، فإنه صلى الله عليه وسلم أرخص للعباس في المبيت بمكة.
ابن حبيب: وإنما ذلك رخصة من أجل السقاية. وقد روي عن ابن عباس ضي الله عنه في الرجل الذي يكون له متاع بمكة يخشى عليه الضيعة إن بات بمني أنه لا بأس أن يبيت عنده بمكة. الباجي: وليس فيه دليل على أنه لا يلزمه دم؛ لأن ذلك عذر يخصه. والذي يقتضيه مذهب مالك أن عليه الهدي حسب ما روى عنه ابن نافع فيمن حبسه مرض فبات بمكة أن عليه الهدي. ولا يجوز المبيت دون جمرة العقبة؛ لأنه ليس من مني. وفي الموطأ عن عمر أنه كان يرحل الناس من ورائها، وفيه أيضاً أنه قال: لا يبيتن أحد من

الصفحة 27