كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

الحاج ليالي منى من وراء العقبة. وعن مالك في الموازية: إن بات جل ليلة من وراء العقبة فليهد هدياً. وروي عنه أنه لا دم عليه حتى يبيت الليلة كلها بغير مني.
يَرْمِي كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ، وَفِيهَا: أَكْبَرُ ....

الخذف بالحصى الرمي به بالأصابع. وهو بالخاء والذال المعجمتين قاله الجوهري وعياض والنووي. وقال ابن هارون: الحذف [193/أ] بالحاء المهملة، وكانت العرب ترمي بها في الصغر على وجه اللعب، تجعلها بين السباية والإبهام من اليسرى ثم تقذفه بالسبابة من اليمنى. وزاد الليث: أو تجعلها بين سبابتيك.
سند: واختلف في قدر حصى الحذف، فقيل: مثل الباقلاء. وقيل: مثل النواة. وقيل: دون الأنملة طولاً وعرضاً. ويكره الحجر الكبير لئلا يؤذي الناس، والصغير مثل الحمصة والقمحة لا يرمى بهما؛ لأنهما في حكم العدم. وأكبر من حصى الحذف أبرأ للذمة؛ لأن فيه الواجب وزيادة، والحجر الكبير يجزئ عند الجميع؛ لوقوع الاسم عليه لكنه مخالف للسنة، واستحب مالك أن تكون حصى الجمار أكبر من حصى الحذف قليلاً. سند: وكان القاسم بن محمد يرمي بأكبر من حصى الحذف. واستشكل الشافعي استحباب مالك كونها أكبر، مع ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى بمثل حصى الحذف، وأجيب عنه بوجهين أحدهما للباجي: أنه لم يبلغه الحديث، والثاني لعبد الملك وغيره: أنه بلغه لكن استحب الزيادة على حصى الحذف؛ لئلا ينقص الرامي من ذلك.
وَلَقْطُهَا أَوْلَى مِنْ كَسْرِهَا مِنْ حَيْثُ شَاءَ

للسُنَّة. قال غير واحد: وله أن يأخذ حصى الجمار من منزله بمني أو حيث شاء، إلا جمرة العقبة فإنه يستحب أخذها من المزدلفة، قاله ابن القاسم وابن حبيب وغيرهما. قال ابن الحاج في مناسكه: أستحب له أخذها من واد محسر. ونص اللخمي وغيره على أنه ليس من مزدلفة.

الصفحة 28