كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

قوله: (حَيْثُ شَاءَ) متعلق بمحذوف دل عليه لقطة الأول تقديره: يلتقطها من حيث شاء، ولا يصح تعليقه بـ (لَقْطُهَا) لأنه مصدر لا يجوز أن يخبر عنه قبل تمام صلته.
وَيُكْرَهُ مَا رُمِيَ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَقََطَتْ مِنِّي حَصَاةٌ فَلَمْ أَعْرِفْهَا، فَأَخَذْتُ حَصَاةً مِنَ الجِمَارِ فَرَمَيْتُ بِهَا فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إِنَّهُ لَمَكْرُوهٌ وَلا أرى عَلَيْكَ شَيْئاً

قوله: (يُكْرَهُ). ابن بشير: هو المشهور. وقيل: له الأخذ من الجمار. فإذا قلنا إنه لا يرمي من المَرمي به وخالف ورمى به فهل يعيد أو يجزئه؟ قولان انتهى. وقال ابن شعبان: لا يجزئه. يريد ويعيد انتهى. وأطلق ابن بشير القول بأن له أن يأخذ الحصى من الجمرة. وفي الباجي: ولا يرمي من الجمار بما قد رُمي به، هذا هو المشهور من المذهب، وروى ابن وهب عن مالك فيمن سقطت منه حصاة أنه يأخذ من موضعه حصاة فيرمي بها في مكان الذي سقطت منه، وروى ابن القاسم عن مالك أنه إن تيقن أنها الحصاة التي سقطت منه فليأخذها، وأنه يكره أن يأخذ من الجمار التي رمي بها، وإني لأَتَّقِيه، وإن أخذ منها حصاة وهو لا يتيقن أنها الحصاة التي سقطت منه فأرجو أن يكون خفيفاً. وقد روى ابن المواز عن أشهب فيمن نفذت منه حصاة وأخذ حصاة من عند الجمار ورمى بها أنه لا يجزيه انتهى.
فقيد القول بحصاة. وقال التونسي: إذا رمى بحصاة رُمي بها أعاد ما لم تذهب أيام منى، فإن ذهبت فلا شيء عليه. وما حكاه المصنف عن ابن القاسم هو مذهب المدونة، ولا يؤخذ منه الجواز ابتداءً. وقول مالك في آخره إنه مكروه، صريح في الكراهة. وأشار اللخمي إلى أن محل الخلاف إذا رمى بها غيره، وأما لو كرر الرمي بحصاة واحدة سبعاً لم يجزه.
وقال سند: يكره ما رمي به غيره. وإن رمى بما رمى به هو قال بعض المتأخرين هنا: لا يجزئه بخلاف ما رمى بع غيره. ولم يوجد هذا الفرق إلا للمزني من الشافعية، وعلل ذلك ابن شعبان وغيره بأنه كماء توضئ به مرة. وقيل: لِما نقله ابن عبد البر عن ابن عباس وأبي سعيد وغيرهما: أن ما يقبل من الحصى يرفع. والمشاهدة تدل على ذلك لقلة الجمار، ومثله لا يقال بالرأي. ابن يونس: والأول أصح، وعلى كل واحد منهما بحث لا يخفى عليك.

الصفحة 29