كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

قوله: (عَلَى الْجَمْرَةِ أَوْ مَوْضِعِ حَصَاهَا). الباجي وغيره: الجمرة اسم لموضع الرمي، سميت بذلك باسم ما يرمى فيها، والجمار الحجارة. وقال سند: جمرة العقبة جبل معروف، والجمرة اسم للكل. وعلى هذا فقول المصنف: (الْجَمْرَةِ أَوْ مَوْضِعِ حَصَاهَا) ليس بجيد. إذ الجمرة اسم للجميع، لكن الظاهر أنه أراد بالجمرة البناء، وبـ (مَوْضِعِ حَصَاهَا) ما سفل من ذلك، ويحمل كلامه على ما إذا رمى البناء ثم وقعت على الحصى، وأما لو وقعت في شقوق البناء ففي إجزاء ذلك نظر؛ لأنه مخالف للسنة، وسيدي خليل الذي بمكة- رضي الله عنه- يفتي في ذلك بعدم الإجزاء، ورأيت من شيخنا ميلاً إلى الإجزاء؛ لأن البناء متصل بالجمرة، ولعل الذي اعتمد المصنف عليه هنا قوله في المدونة: وإن رمى حصاة فوقعت قرب الجمرة، فإن وقعت موضع حصى الجمرة وإن لم تبلغ الرأس أجزأه.
سند: وإن وقعت دون الجمرة وتدحرجت إليها أجزأه؛ لأنه مِنْ فعله، فإن شك في وصولها فالظاهر عدم الإجزاء. ولو وقعت دون المرمى على حصاة فطارت الثانية في المرمى لم يجزه. وكذلك لو رمى لغير الجمرة قصداً فوقعت فيها لعدم النية. ولو قصد الجمرة فتعدتهالم يجزه لعدم الاتصال. ولو تدحرجت من مكان عال فرجعت إليها، فالظاهر عدم الإجزاء؛ لأن الرجوع ليس من فعله انتهى.
وقوله: (وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَتْ عَلَى مَحْمَل ... إلخ) هو كقوله في المدونة: وإن وقعت في محمل رجل فنفضها صاحب المحمل لم يجزه، ولو أصابت المحمل ثم مضت بقوة الرمية الأولى حتى وقعت في الجمرة أجزأه.
وَالْعَاجِزُ يَسْتَنِيبُ وَعَلَيْهِ الدَّمُ

المراد بالعاجز من يعجز بنفسه، ولم يكن له من يحمله. قال في المدونة: وإذا قدر على حمل المريض وهو يقوى على الرمي ويوجد من يحمله حُمِلَ ورمى بيده. ولا يرمي الحصاه

الصفحة 31