كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

في كف غيره ليرميها ذلك عنه، وإن لم يقدر على حمله أو لم يستطع الرمي عنه غيره ثم يتحرى المريض وقت الرمي فيكبر لكل حصاة تكبيرة، وليقف الرامي عنه عند الجمرتين للدعاء، وحَسَنٌ أن يتحرى المريض ذلك الوقت فيدعو وعلى المريض الدم؛ لأنه لم يَرْمِ وإنما رمى عنه غيره انتهى. ولأشهب في الموازية: أنه لا دم عليه. ولابن القاسم في الموازية: لا يقف الرامي عن المريض عند الجمرتين خلاف ما في المدونة. وروى ابن عبد الحكم في مختصره إن كان المريض يرجو الراحة في أيام التشريق فليؤخر الرمي فيهما بينه وبين غروب الشمس من آخر يوم من أيام منى، وإن لم يرج ذلك ولا له من يحمله استناب من يرمي عنه. الباجي: وهو يحتمل الوفاق للمدونة، وأنه إن وجد من يحمله وهو يطيق الرمي عَجَّل، وإن لم يجد من يحمله ولم يَرجُ إفاقة استناب، وإن رجاها لم يعجل، ويحتمل الخلاف ويكون فيما إذا رجا الإفاقة قولان. الأبهري: وإنما وجب الدم على مذهب المدونة لعدم تحقق العذر؛ لأنه لا يقدر، ولو تحامل لقدر، وأنكره الباجي؛ لأن بعض الناس لا يشك أحد في عدم قدرته. الأبهري: ويرجع في عدم القدرة إلى غلبة ظنه. ونص اللخني على أنه إن خشي زيادة مرضه أنه يستنيب.
بِخِلافِ صَغِيرٍ لا يُحْسِنُ الْرَمِيُّ فَيَرْمَي عَنْهُ وَلا دَمَ، فَإِنْ لَمْ يُرْمَ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَرْمِ مَنْ يُحْسِنُ فَالدَّمُ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمَا ....

قوله: (بِخِلافِ صَغِيرٍ) إنما لم يلزم الدم؛ لأن المخاطب بالرمي في الحقيقة هو الولي، بخلاف المريض فإنه هو المخاطب بسائر الأركان، وفي حكم الصغير المجنون. والضمير في (أَحَجَّهُمَا) عائد على الصغير الذي لا يحسن الرمي والصغير الذي يحسنه. وهل يقف الرامي عن الصبي في الجمرتين الأولتين؟ ذكر ابن بشير وغيره قولين. اللخمي: ويختلف في الوقوف عن المجنون والمغمى عليه قياساً على الصبى. واقتصر التونسي على القول بالوقوف عن الصبى، وإنما حكى الخلاف في المريض.

الصفحة 32