كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وَيَبْتَدِأُ بِالْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مِنىَ فَيَرْمِيهَا مِنْ فَوْقِهَا ثُمَّ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا فَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ، وَفِي رَفْعِ يَدَيْهِ قَوْلانِ، وَضَعَّفَ مَالِكٌ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِر، وَالاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ رُئِيَ رافعاً يَدَيْهِ فِي الاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ جَعَلَ بُطُونَهُمَا إِلَى الأَرْضِ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ الرَّفْعُ فَهَكَذَا، وَيُكّبِّرُ وَيُهَلِّلُ وَيَحْمَدُ اللهُ تَعَالَى وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو بِمِقْدَارِ إِسْرَاعِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ يُثَنِّي بِالْوُسْطَى كَذَلِكَ؛ إِلا أَنَّ وُقُوفَهُ أَمَامَهَا ذَاتَ الشِّمَالِ ثُمَّ يُثَلِّثُ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَذَلِكَ إِلا أَنَّهُ يَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي وَلا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ فَتِلْكَ السُّنَّةُ ...

هذه الكيفية مستندها الاتباع. وفي البخاري عن ابن عمر أنه يرمي الجمرة الأولى بسبع حصيات يكبر في إثر كل حصاةٍ ثم يتقدم حتى يسهل فيقدم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة ويرفع يديه، ويقوم طويلاً ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. وروى البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، أنه حج مع ابن مسعود، فرءاه رمى الجمرة الكبرى بسبع حصيات؛ الكبرى بسبع حصيات، فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (وَفِي رَفْعِ يَدَيْهِ قَوْلانِ) مذهب المدونة عدم الرفع، وفي الحديث الأول دليل على رفع.
قوله: ثم (يُثَنِّي بِالْوُسْطَى كَذَلِكَ) أي يرميها من فوقها كالأولى. قال في الجواهر: والذكر والدعاء؛ أي: في الثانية كفعله عند الجمرة الأولى. واختار ابن حبيب أن يكون وقوفه دون الأول؛ لفعل ابن مسعود رضي الله عنه انتهى. وذكر غيره أن ابن مسعود كان يقف في الأولى مقدار قراءة سورة الفاتحة مرتين, وفي الثانية مرة. وفي الموطأ

الصفحة 34