كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

عن عمر وابنه رضي الله عنهما أنهما كانا يقفان عندهما قدر ما يقرأ الرجل السريع سورة البقرة، وما ذكره من أنه يقف في الثانية ذات الشمال هو الذي ذكره الباجي ونسبه لمالك في المختصر، واقتصر عليه ابن الجلاب وصاحب الكافي والتونسي، وهو الذي ذكره ابن يونس وعزاه لابن المواز. وقال اللخمي: إذا رمى الأولى والوسطى تقدم أمامها. وقال محمد في الوسطى يتقدم أمامها ذات الشمال.
ابن عبد السلام: قال غير واحد من الشيوخ: إن مذهب مالك وقوفه في الوسطى كوقوفه في الأولى. والميل ذات الشمال هو مذهب ابن المواز، وإن لم يقف ولم يدع فلا حرج عليه.
وقوله في جمرة العقبة: (يَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا). ابن المواز: ومن لم يصل لزحام الناس فلا بأس أن يرميها من فوقها، وقد فعله عمر لزحام الناس. ثم رجع مالك فقال: لا يرميها إلا من أسفلها، فإن فعل فليستغفر الله سبحانه.
وقوله: (وَلا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ فَتِلْكَ السُّنَّةُ) ظاهر. الباجي: ويحتمل أن يكون ذلك من جهة المعنى أن موضع الجمرتين الأولتين فيه سعة للقيام لمن يرمي. وأما جمرة العقبة فموضعها ضيق، ولذلك لا ينصرف الذي يرميها من طريقة؛ لأنه يمنع الذي يأتي للرمي، وإنما ينصرف من أعلى الجمرة.
وَيُكْثِرُ الْحَاجُّ بِمِنىَ ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى وَقْتاً بَعْدَ وَقْتٍ

ابن حبيب: وأفضل ذلك أن يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد. زفي الموطأ أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئاً، فكبر، فكبر الناس بتكبيره، ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار، فكبرن فكبر الناس بتكبيره. ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر، فكبر الناس بتكبيره، حتى يتصل التكبير، ويبلغ البيت، فيعلم أن عمر قد خرج يرمي. قال في النوادر: وبين منى ومكة ستة أميال.

الصفحة 35