كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فِي الثَّانِي فَلا يَتَعَجَّلُ

لأن الليلة إنما أمر بالمقام فيها من أجل رمي النهار، فإذا غربت الشمس فكأنه التزم رمي اليوم الثالث، ولأنه لا يصدق عليه أنه تعجل في يومين. قال في النوادر: ومن الموازية: فإذا جاوز العقبة ثم غربت الشمس فلا شيء عليه، وإن شاء طاف ليلاً وانصرف، ومن أفاض وليس شأنه التعجيل فبدا له بمكة أن ينفر فذلك له ما لم تغرب عليه الشمس بمكة، فإن غابت فليقم حتى يرمي من الغد، ولو رجع إلى منى ثم بدا له قبل الغروب أن يتعجل فذلك له وهي له وهي السنة. ومنه ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ومن تعجل فأتى فأفاض وانصرف وكان ممره على منى فلم ينفر عن منى حتى غابت الشمس فلينفر ولا يضره. قال في كتاب محمد: وكذلك لو لم يكن ممره، إلا أنه نسي بها شيئاً فرجع به فغابت عليه الشمس فيها فلينفر ولا يضره انتهى.
وَأُرَخِّصُ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَنْصَرِفُوا بَعْدَ جَمْرَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَاتُونَ ثَالِثَةً فَيَرْمُونَ لِلْيَوْمَيْنِ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيَرْمُونَ بِاللَّيْلِ ....

يعنى: ويجوز لرعاة الإبل إذا رموا جمرة العقبة أن يخرجوا عن منى إلى رعيهم، ويقيمون ليلتهم وغدوهم، ثم يأتون من الغد في اليوم الثالث من يوم النحر، فيرمون لليوم الذي مضى وليومهم الذي هم فيه ثم يتعجلون إن شاءوا أو يقيمون. وقال محمد ابن المواز: ويجوز لهم ذلك ويجوز لهم أن يأتوا ليلاً ويرمون ما فاتهم ذلك.
وَلِلرَّمْيِ وَقْْتُ أَدَاءٍ وَقَضَاءٍ وَفَوَاتٍ، فَأَدَاءُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى الْغُرُوبِ، وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ لا أَدَاءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ رَمَى قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَ وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَأَفْضَلُهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ .....

مراده بـ (أَدَاءٍ) ما له أن يؤخره فيه ولا يلزمه دم، وبـ (القضاء) ما لا يجوز له التأخير إليه، وإن فعل فعليه دم، وبـ (الفوات) ما لا يرمي فيه بوجه. وفي جعل الفوات وقتاً للرمي نظر.

الصفحة 37