كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

والعصر والمغرب والعشاء ثم هجع هجعة ثم دخل مكة. والنزول بالمحصب إنما هو لغير المتعجل، وأما من تعجل فلا. رواه ابن حبيب عن مالك. وإذا وافق يوم نفره يوم جمعة فلا أحب للإمام أن يقيم بالمحصب وليدخل مكة ليصلي الجمعة بأهل مكة.
قوله: (وَوَسَّعَ مَالِكٌ لِمَنْ لا يُقْتَدَي بِهِ فِيهِ) أي في تركه، وأما من يقتدي به فلا يجب للسنة (وَكَانَ يُفْتِي بِه سِرًاً) أي: لمن لا يقتدي به؛ لأنه يريد أن لا تشاع عنه الفتوى بذلك خيفة أن يسمع الناس فيتركوه. وجوز مالك تقديم الأثقال إلى مكة؛ لأنها في حكم السفر المباح، بخلاف تقدمها إلى منى يوم التروية أو يوم عرفة.
وَإِذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ طَافَ طَوَافَ الْوَدَاعِ وَيُسَمَّى طَوَافَ الصَّدْرِ، وَلا يَرْجِعُ فِي خُرُوجِه الْقَهْقَرَي حُرّاً أَوْ عَبْداً، حُرّاً أَوْ عَبْداً، ذَكَراً أَوْ أُنْثَى، كَبِيراً أَوْ صَغِيراً ...
ظاهره أنه يسمى بالاسمين. ابن عبد السلام: والأول أشهر، وكره مالك في الموازية من رواية أشهب أن يقال له طواف الوداع، قال: وليقل الطواف. ويسمى طواف الصدر، إما لكونه يصدر بعده السفر، وإما لكونه يعقب الصدر من منى. ابن السيد: ويقال: وداع بفتح الواو وكسرها. وكأن الوداع بالكسر مصدر وادع وبالفتح الاسم. وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت" وليس من شرط الأمر به أن يكون في أحد النسكين بل يؤمر به كل من أراد سفراً، مكياً كان أو غيره.
ونبه بقوله: (وَلا يَرْجِعُ فِي خُرُوجِه الْقَهْقَرَي) على خلاف من استحب ذلك. ودليل المذهب الاتباع.
قوله: (حُرّاً أَوْ عَبْداً) أي: يؤمر بطواف الوداع العبد والحر والصغير والكبير والذكر والأنثى. وفي الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت.

الصفحة 50