كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

الْمَحْظُورُ الْمُفْسِدُ الْجِمَاعُ، وَهُوَ مُفْسِدٌ قَبْلَ الْوُقُوفِ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ وَالْهَدْيِ إِجْمَاعاً، وَالنِّسْيَانُ عِنْدَنَا كَالْعَمْدِ ...
لمَّا ذكر أفعال الحج أخذ يذكر المحظور المفسد والمحظور المنجبر؛ يعني: أن الإجماع انعقد على أن الوطء إذا وقع قبل الوقوف عمداً يفسد الحج ويوجب الهدي والقضاء، والإجماع على أن الإفساد يستلزم المنع من ذلك بالإجماع، وبقوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ([البقرة: 198]. والنسيان عندنا كالعمد في الإفساد خلافاً للشافعي رضي الله تعالى عنه.
فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ إِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مَعاً فِي يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ قَبْلَهُ فَسَدَ، وَإِلا فَلا ....
أي: فإن وقع الوطء بعد الوقوف فله أربع صور:
أولها: أن يقع قبل الإفاضة ورمي جمرة العقبة يوم النحر أو قبله، أي: ليلة المزدلفة.
الثانية: أن يقع قبلها بعد يوم النحر.
الثالثة: أن يقع بعد جمرة العقبة وقبل طواف الإفاضة.
الرابعة: بالعكس وذكر في الجميع ثلاثة أقوال:
الأول: يفسد في الجميع ونسبه ابن عبد السلام لمالك.
خليل: ولم أر من نسب لمالك الفساد إذا وطئ بعد طواف الإفاضة وقبل جمرة العقبة، وإنما هو منسوب لعبد الملك وغيره. فنقل اللخمي عن عبد الملك الفساد وإن خرجت أيام منى، وعن ابن وهب وأشهب: إن وطئ يوم النحر بعد الإفاضة وقب الرمي أفسد.
ومقتضى كلام الباجي وغيره أنهما وافقا المذهب على عدم الإفساد إذا وطئ قبل الجمرة بعد يوم النحر. اللخمي: لأن الإفاضة قبل الرمي لا تجزئ عندهما فصار بمنزلة من

الصفحة 54