كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

الأبهري وابن محرز: وكذلك الأجنبي لأنه إذا كانت العلة تفويض الأب فلا فرق. وكلامه في المدونة يحتمل أن يكون مخالفاً لهما وأن يكون موافقاً لابن حبيب خاصة. وفسر سحنون ما وقع في المدونة من الإجازة إذا أجازه الأب بأن معناه: إذا كان الأب غائباً. حمديس: وإنما يجوز إذا أجازه الأب إذا كان قريباً ولم يطل. وقال أبو عمران: لا يراعى في ذلك قرب ولا بعد وقد أجاز عبد الرحمن ذلك بعد أن قدم من الشام.
وانظر هل يجري فيها قول بأنه لا يجوز مطلقأً من النكاح الموقوف، وأما إن لم يجزه فإنه يفسخ وإن طال، وإن ولدت الأولاد.
واعترض فضل هذه المسألة بأن تفويض الأب لمن ذكر إما أن يدخل تحته نكاح الأبكار أو لا؟
فعلى الأول لا يحتاج إلى إجازة الأب إذ لم يتعد. وعلى الثاني- وهو الصحيح- لا يجوز ولو أجازه كما في المسألة المتقدمة.
وإنما قلنا أن الثاني هو الصحيح لأن ابن أبي زيد رحمه الله تعالى نص على أن الوكيل المفوض لا ينكح البنت البكر ولا يطلق الزوجة ولا يبيع دار السكنى [286/ أ] ولا يبيع العبد لأن العرف اقتضى إخراج هذه الأربع. وأجيب بأن المراد بالتفويض هنا التفويض العرفي لأن التفويض قسمان: تفويض نص عليه وحكمه ما تقدم، وتفويض عرفي وهذا حكمه؛ لأن الابن لما صار يتصرف والأب ساكت كان ذلك بمنزلة إطلاقه له التصرف في جميع الأشياء، وعلى هذا لا يحتاج إلى إجازته. لكن لما كان العرف إخراج نكاح الأبكار تعارضا، فأجزناه إذا أجازه الأب لعلمنا أن الأب لم يخرج ذلك.
وفيه نظر؛ لأنه إذا كان المفوض بالنص ليس له أن يزوج فمن باب أولى أن يكون ذلك في المفوض له بالعرف إلا أن يقال أن المزوج هنا لقرابته لا يتهم ولأنه ولي في الجملة.

الصفحة 553