كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

أنه بالدخول يحصل التطلع على العورات، ورأى القائل الآخر أنه إنما يقوى الضرر بالتفرقة إذا طال الأمر بينهما وولدت الأولاد.
ابن عبد السلام: وذكر بعضهم قولاً آخر إن كان الأبعد كالأخ للأب مع أخ شقيق مضى وإن كان كابن عم مع أخ رد؛ وأخذه من المدونة.
وعلى الإمضاء فإن أثبت الأقرب أن الزوج غير كفء فله في ذلك مقال؛ فإن أثبت الأبعد الكفاءة ففي احكام ابن زياد أن شهادة من شهد بعدم الكفاءة أتم، وليس على الحاكم أن [286/ ب] يسأل الشهود من أين علموا عدم الكفاءة. وقيل: يقضي بأعدل البينتين، فإن تكافأتا كان الجرح أولى. وقيل: يسقطان وينظر الحاكم في ذلك. وفي أحكام ابن حذير عن جماعة من الشيوخ: إن بين الشهود الحال التي كان بها غير كفء كانت شهادتهم أولى، وإن شهدوا مجملاً كانت شهادة الآخرين أولى.
بعض الموثقين: الذيجرى به الحكم أنه إن كانت إحدى البينتين أعدل حكم بها. وبه قال سعيد بن أحمد وابن زرب وغيرهما.
وقوله: (وَقَالَ اللَّخْمِيّ: إِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً مَضَى بِاتِّفَاقٍ) يعني أن الخلاف المتقدم إنما هو في ذات القدر؛ لأن النكاح قد انعقد بولي، وليس على القريب وصم في وليته الدنية؛ لأن كل واحد كوليها، والله أعلم.
وَفِيهَا: وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَته ثُمَّ أَنْكَحَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهَا جَازَ وَإِنْ كَرِهَ وَلِيُّهَا
أي: من النسب، فيشمل الابن وغيره. واقتصر في المدونة على الولد؛ لأنه إذا جاز مع الولد فمع غيره أولى. وقوله (جَازَ) يحتمل الإقدام ويحتمل مضي النكاح، وهو الأقرب لأن سائر أولياء النسب مقدمون على المعتق. وقد تقدم أن الأولياء إذا كانوا في درجة ليس لأحدهم أن يعقد ابتداءً إلا بموافقة من استوى معه، وإذا كان ذلك مع التساوي فمع القرب أولى.

الصفحة 556