كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وذكر المصنف هذه المسألة بإثر الأولى؛ لأنها من فروعها إذ هي من تزويج الأبعد مع وجود الأقرب. ولقائل أن يقول: هذه المسألة أخف من التي قبلها؛ لأن هذه المعتقة من الدنيات ولسيدها له عليها بقية سلطنة الملك، وهو أولى الأكفاء لها، وعلى هذا فلا يمكن إجراء الخلاف المتقدم فيها، والله أعلم.
وَإِذَا أَنْكَحَ الأَجْنَبِيَّ مَعَ وُجُودِ الْمُجْبِرِ فَكَذَلِكَ
لما تكلم على صورتي تعدي الولي على ولي أقرب منه تكلم على تعدي الأجنبي. وقوله (فَكَذَلِكَ) أي لا يجوز ولو أجازه الأب، والأليق بطريقة المصنف ألا يذكر هذا؛ لأنه إ ذا لم يجز نكاح الأبعد مع وجود المجبر فلأن لا يجوز نكاح الأجنبي مع وجود المجبر من باب أولى، لكن قصد رحمه الله تعالى الكلام على جميع الأقسام.
وَلا مُتَكَلِّمَ لأَحَدٍ الوليين عَلَى الآخَرِ فِي الْمُعْتَقَةِ
إيراده لهذه المسألة هنا غير مناسب، وهي من فروع قوله: (وإذا كان الأولياء في درجة فإذا بادر أحدهم صح). وما ذكره المصنف نص عليه في المدونة. وقال جماعة: الصواب أن مجموع المعتقين منهما هو الولي لا أحدهما كالشريكين بخلاف الأخوين؛ لأن كلا من المعتقين إنما له نصف الولاء ولا يرث إلا النصف، وهو ظاهر.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْبِراً وَهِيَ ذَاتُ قَدْرٍ فَقَالَ مَالِكُ: مَا فَسَخَهُ بِالْبَيْنِ، ولَكِنْ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ وَتَوقَفَ إِذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ. وقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَهُ إِجَازَتُهُ ورَدُّهُ مَا لَمْ يَبْنِ بها. وقَالَ أَيْضاً: لَهُ إِجَازَتُهُ بِالْقُرْبِ وإِلا رَدَّ مَا لَمْ يطل بَعْدَ الْبِنَاءِ. وقِيلَ: يَرُدُّ. وقِيلَ: يَمْضِي. وفِيهَا: إِنْ دَخَلَ بِهَا عُوقِبَتِ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ وَالْمُنْكِحُ وَالشُّهُودُ إِنْ عَلِمُوا ..
يعني: أن الأجنبي إذا زوج مع ولي غير مجبر فإما أن تكون المرأة ذات قدر أو دنية، فذكر المصنف في ذات القدر خمسة أقوال: أحدها: أنه ماض مطلقاً، حكاه عبد الوهاب

الصفحة 557