كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ وإِنْ أَشْهَدَا فِيهِ، [289/ ب] فَيُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وقِيلَ: هُوَ الَّذِي دَخَلَ ولَمْ يُشْهَدْ فِيهِ .....
المشهور مذهب المدونة أن نكاح السر هو المتواصى بكتمه ولو كانوا مائة شاهد.
وقال يحيى بن يحيى: لا يكون نكاح سر ما عقد بشاهدين، وإنما هو ما عقد بغير بينة، أو بشهادة امرأتين، أو رجل وامرأتين. يريد: ودخل فيه من غير شهادة، وإنما يفسد على المشهور إذا أوصى بالكتمان قبل العقد. ولو أمر الشهود بالكتمان بعد العقد فإنه صحيح ويؤمرون بإشهاره.
وأشهب: وهذا إذا لم تكن له نية، وإن نكح على نية الاستكتام بعد العقد فليفارق.
وقال أصبغ: لا أرى أن يفسخ إذا لم يكن إلا ضمير نفسه؛ لأنه لا بأس أن يتزوج ونيته أن يفارق. واختلف هل الأمر بذلك على قول أشهب استحباب وهو مذهب ابن رشد؟ أو وجوب وهو مذهب التونسي؟
ابن حبيب: وإن اتفق الأولياء والزوج على الكتمان، ولم يعلموا الشهود فهو نكاح سر.
مالك في الواضحة: ولا فرق بين أن يسالوا الشهود أن يكتموا ذلك من امرأة أخرى، أو يكتموا ذلك في المنزل الذي نكح فيه، ويظهروه في غيره، أو يكتموا ثلاثة أيام ونحوها، وذلك كله نكاح سر. وإذا فرعنا على المشهور فلو وقع، ففي البيان: المشهور: يفسخ بعد البناء، إلا أن يطول بعده فلا يفسخ. وكذلك نقل ابن حبيب عن مالك وأصحابه، قال: وقيل أن النكاح صحيح يثبت قبل البناء وبعده، ويؤمر الشهود بإعلان النكاح، وهو قول يحيى بن يحيى. انتهى.
وهذا لا يحسن أن يكون مقابل المشهور في كلام المصنف، لأن يحيى يخالف في تفسير نكاح السر ابتداءً، والخلاف الذي حكاه المصنف إنما هو مبني على المشهور، وإنما مقابل.

الصفحة 574