كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

بالمشهور والذي رجع إليه مالك؛ لأنه قد تقدم أن المصنف إذا قدم مشهوراً ثم شبه فإنما يشبه في المشهور، ويبعد أن يريد بمثله جريان القولين، إذ لا يقال إن القول الأول في المسألة قولان، وإنما يحسن ذلك في الطريقة. ولمالك في الموازية في إن لم يأت بالصداق إلى أجل كذا فلا نكاح بيننا: أنه يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بصداق المثل. فجعل لها صداق المثل خلاف ما في المدونة. قال في البيان: والخلاف إنما هو إذا أتى الزوج بالصداق قبل الأجل المشروط، وإن لم يأت الزوج بالصداق حتى انقضى الأجل أو حتى انقضت أيام الخيار فلا نكاح بينهما قولاً واحداً.
وقول المصنف: (وجَائِزُ) لا يؤخذ منه هل يبطل الشرط أم لا؟ وقد حكى في البيان الأول عن أشهب، وذكر عنه أنه قال: عليه المسمى. وحكى الثاني- أي أنه يجوز ويلزمه الشرط- عن سحنون، وقال: ومثله روى أشهب عن مالك. وقد روي مثله عن ابن القاسم وأشهب وهو أظهر الأقوال. وفهم اللخمي والأكثر المدونة على أن النكاح منعقد. وحكى ابن عبد السلام عن بعضهم أنه فهمها على أن النكاح منحل، وإنما ينعقد عند إتيان الأجل، وليس بصحيح؛ لأنه لو لم ينعقد النكاح لم يقل مالك يفسخ؛ لأن فسخ غير المنعقد لا يصح؛ ولأنه لو كان كذلك لم يأت في المدونة بإثرها بمسألة تأجيل العقد؛ لأنها على هذا هي في المعنى. فإن قيل: قد نص مالك فيمن اشترى سلعة على أنه إن لم يأت بالثمن إلى أجل كذا فلا بيع بينهما على صحة البيع وبطلان الشرط، فلم لا يكون هنا كذلك؟ قيل: لأن الخيار ينافي عقد النكاح بخلاف البيع.
فرع:
إذا قال في عقد النكاح: إن لم يأت بالصداق إلى أجل كذا فأمرها بيدها؛ فروى ابن القاسم عن مالك في الموازية يفسخ قبل البناء ويثبت بعده. قال في البيان: وإذا ثبت بعده بطل الشرط وكان فيه المسمى.

الصفحة 578