كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ([المؤمنون: 5–6]. فإنما نفى اللوم عمن احتفظ عن غير هذين فدل ذلك على أن ما عداه يتعلق اللوم به. ويؤخذ من قول المصنف (عَلَى نَحْوِ) أنه إن أمنى ابتداء من غير مداومة النظر والتذكر أن عليه الهدي. وكذلك قال أحمد بن ميسر. قال مالك في العتبية والموازية: ولا يفسد حجه، وأنه إن استدام النظر أو التذكر حتى أمنى أنه يفسد. وكذلك روى ابن القاسم عن مالك في العتبية والموازية. ولهذا عطف عليه قوله: (وَرَوَى أَشْهَبُ مَنْ تَذَكَّرَ أَهْلَهُ حَتَّى أَنْزَلَ فَهَدْيٌ فَقَطْ) أي فلا عمرة.
محمد: وبرواية ابن القاسم أقول، فأما القبلة والمباشرة والجسة والضمة فينزل لمكانه فقد أفسد حجه. محمد: وقد قال مالك: من قَبَّلَ امرأته فلم ينزل شيئاً فليهد بدنة، وإن غمزها بيده فأحب إلي أن يذبح في ذلك وكلما تلذذ به.
اللخمي: ولم يختلف إذا لم يكرر النظر ولا التذكر فأنزل ألا يفسد. وعلى هذا إذا قبل مرة أو غمز وشأنه ألا ينزل عند ذلك فأنزل ألا يفسد. وفرق مالك بين الصوم والحج، فقال فيمن نظر أو تذكر ولم يدم فأنزل: عليه القضاء ولا كفارة عليه. وإن أدام ذلك كان عليه القضاء والكفارة. وقال في الحج: إذا لم يدم لم يفسد. ولا فرق بين الموضعين، فإما أن يقال في الجميع لا شيء عليه أو أن ذلك عليه، إلا أن يحمل قوله في قضاء الصوم على الاستحباب ليسارة قضاء الصوم انتهى.
واعترض سند قوله: "وعلى هذا ألا يفسد إذا قبل مرة .... إلخ" وقال: هو تخريج فاسد؛ لأن النظر قد يقع فجأة وكذلك الفكر وتغلب اللذة في الإنزال، بخلاف القبلة فإنها لا تكون إلا عن اختيار.
وَإِذَا قَضَى فَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ الْحَجَّ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ مِنْ حِينِ الإحرام إِلَى التَّحَلُّلِ
مثله في المدونة وهو يدل على اختصاص هذا الحكم بتلك المرأة. وقال اللخمي: لا فرق بين تلك المرأة وغيرها زوجة كانت أو سُرِّية؛ لأن لا يؤمن أن يأتي مثل فعله أولاً انتهى.

الصفحة 59