كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وأما إذا باعه فقال المصنف (مَضَى) أي: لا فسخ له حينئذ؛ لأنه قد صار في ملك غيره، ويقال للمشتري: إن كنت علمت بالتزويج فهو عيب دخلت عليه، وإلا فلك الرد. فإن تمسك فواضح، وإن رد كان للبائع الفسخ، وهو معنى قوله: (فَإِنْ رُدَّهُ بِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ) أي: فإن رد العبد بعيب التزويج فللبائع الفسخ، وفي بعض النسخ: فإن رده فله الفسخ؛ أي: فإن رد المشتري العبد بسبب عيب التزويج فللبائع فسخ النكاح، فالضمير في (فَلَهُ) عائد على البائع، والهاء في (رُدَّهُ) عائد على العبد، وضمير الفاعل [294/ أ] المستتر في (رُدَّهُ) عائد على المشتري. وفي بعض النسخ: (فسخه)؛ أي: فسخ النكاح. وفي كلام ابن عبد السلام نظر.
وخرج ابن محرز قولاً بعدم بطلان حق البائع من الفسخ إذا باعه قبل علمه بالنكاح على القول بأن من باع شقصاً وجبت له به الشفعة قبل علمه ببيع الشريك أن حقه في الشفعة باق. ورده ابن بشير بأن الشفعة حق مختلف في سببه، فهل هو رفع الضرر عن الشريك؟ أو هو محض تعبد؟ فلعل القائل لم يتحد لاحتمال أن يكون القائل ببقاء حق الشريك في الشفعة بعد بيعه يرى ذلك تعبداً. ومسألة العبد معللة بالضرر، فلا يمكن قياسها على التعبد. ورده ابن عبد السلام بأن القائلين بعدم سقوط الأخذ بالشفعة إذا باع نصيبه اختلفوا هل يشترط عدم علمه ببيع شريكه إلى حين بيعه هو نصيبه أو لا يشترط ذلك؟ قال: فمن يشترط عدم العلم فهو كالنص منه على تعليل الشفعة بالضرر، ويلزم منه صحة التخريج المذكور. وقوله: (قَبْلَ عِلْمِهِ) مفهومه أنه لو باعه بعد علمه لكان دليلاً على الرضا، فليس له الفسخ إذا رد عليه، وهكذا قال القرويون. وذكر بعض الأندلسيين قولاً أن ذلك لا يسقط حق البائع في النكاح، ولا إشكال أن المشتري لا حق له في فسخ النكاح. نص عليه ابن الجلاب وغيره.

الصفحة 599