كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

وعلل بعضهم ذلك بأن ذلك معاقبة؛ إذ لم يرعيا العبادة، وروى مالك في موطئه عن علي أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجمها". ومعنى (مِنْ حِينِ الإحرام) أي: بحجة القضاء، وفيه تنبيه على قول من ذهب من العلماء خارج المذهب إلى المفارقة بينهما من حين الإفساد إلى التحلل، أي طواف الإفاضة. مالك في العتبية: ولا يجتمعان في منزل ولا يتسايران لا في جحفة ولا منى. ابن القصار: ولم يبين مالك هل ذلك واجب أو مستحب، وعندي أنه مستحب، واقتصر ابن الجلاب على أنه مستحب.
ابن بشير: ظاهر الكتاب الوجوب؛ معاقبة. وفصل اللخمي؛ إن صدر ذلك من جاهل بالتحريم فهو مستحب، وإن صدر من عالم بالتحريم فهو واجب ويجبر على الافتراق.
وَمَنْ أَكْرَهَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَحَجَّهَا، وَكَفَّرَ عَنْهَا، وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ
زاد في المدونة وإن طاوعته فذلك عليها دونه. ابن القاسم في الموازية: وعلى الزوج الثاني الإذن لها في الحج. فإن قلت: قد تقدم في الصوم قول بأنه لا يُكَفَّرُ عن المكرَهة، فهل يجري هنا؟ قيل: قال غير واحد: لا. والفرق أن الصوم إذا قضته ليس فيه غرامة مال بخلاف الحج، ولأن الوطء في الحج نسياناً يفسد بخلاف الصوم فإنه لا يوجب الكفارة على المشهور.
فرع:
وإن لم يكن مع الزوج شيء وهي ملية فلابن القاسم في العتبية: ليس عليها حج. وله في الموازية: إذا لم يجد الزوج ما يُحَجُّها به ولا ما يهدي عنها فلتفعل هي ذلك وترجع به عليه. قال بعضهم: بالأقل من ثمن الهدي أو قيمته، وإن صامت في الهدي لم ترجع بشيء؛ إذ الصوم لا عوض له، ولو أطعمت في فدية الأذى لرجعت عليه بالأقل من النسك أو الإطعام. التونسي: وانظر لو كان النسك بالشاة أرفق لها حين نسكت وهو معسر ثم أيسر، وقد غلا النسك ورخص الطعام، فقال: إنما أغرم الطعام إذ هو الآن أقل قيمة من النسك الذي نسكت هي به.

الصفحة 60