كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

به فيكره. وفهم من كلام الباجي أن المورد هو المصبوغ بالعصفر صبغاً غير قوي، وهذا هو المعروف. ابن راشد: وقال منذر بن سعيد هو الذي صبغ بالورد.
وقوله: (لا غَيْرِهِ) عائد على ما ذكره من الألوان، المفدم والمزعفر والمورس. أي: فلا يمنع غير هذه الألوان.
وقوله: (عَلَى الْمَشْهُورِ) عائد على (الْمُعَصْفَرَ المُفَدَّمَ) يعني: أن جميع الألوان واسع، إلا المعصفر المفدم فإنه ممنوع على المشهور. ومقابل المشهور قول أشهب المتقدم. وفي كلامه قلق. فإن قلت: هل يصح أن يريد بمقابل المشهور ما تقدم عن أشهب كراهة ما صبغ بغير زعفران ولا ورس لمن يقتدى به كما قاله ابن هارون؟ فالجواب: لا؛ لأن كراهة ذلك لمن يقتدى به ليس مخالفاً للمذهب، وإنما ساقه الأشياخ على أنه وفاق للمذهب، وأن المذهب كراهة ما صبغ بغير ورس ولا زعفران لمن يقتدى به، والأصل فيه ما رواه مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى طلحة بن عبيد الله وعليه [200 / أ] ثوب مصبوغ وهو مُحرِم، فقال عمر: ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة؟ فقال طلحة: يا أمير المؤمنين إنما هو مدر فقال عمر: أيها الرهط إنكم أئمة يقتدى بكم فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب لقال: إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام: فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة.
قال في الاستذكار: ولم يختلف في جواز لبس المصبوغ بالمدر.
خليل: يريد في حق من لا يقتدى به والله أعلم. ومن هنا تعلم أن تمشية ابن راشد ليست بجيدة؛ لأنه قال: قوله: (بِخِلافِ الْمُوَرَّدِ وَالْمُمَشَّقِ لا غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) يعني: أن هذين يجوز الإحرام فيهما ولا يلحق بهما غيرهما من الألوان على المشهور بل الإحرام فيما عداهما مكروه؛ لأن المستحب أن يحرم في البياض. انتهى. لأنه لم يختلف في جواز المصبوغ بالمدر على ما نقل ابن عبد البر، ولا يكره الإحرام في غيرهما، نص عليه ابن الجلاب واللخمي وغيرهما.

الصفحة 70