كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

وابن نافع، والثالث: أنه لا يبني إلا أن يتزوجها، وهو قول أصبغ، والرابع: الفرق بين أن يمضي منه أكثره أو أقله، وهو قول ابن الماجشون.
تنبيه:
ما ذكرناه من أن مذهب المدونة السقوط، إنما هو في الطلاق البائن أو في الرجعي، وانقضت العدة، وأما لو تم عدة الطلاق فإنه يجزئه باتفاق، قاله في تهذيب الطالب، قال في البيان: وقيل ذلك إن نوى ارتجاعها وعزم على الوطء؛ لأن الكفارة لا تصح إلا بعد العودة، وإن لم ينوِ فيكون كالطلاق البائن، واختلف إذا أراد أن يبتدئ الكفارة وهي في عدة الطلاق الرجعي، فلمالك في الموازية: يرتجع ثم يكفر، وقال أشهب: إن كفر قبل أن يرتجع، وقيل: إن تبين منه فذلك جائز، وقال ابن المعذل: لا تجزئه الكفارة قبل أن يرتجع؛ لأن الكفارة إنما هي بعد أن يعود إلى الإمساك وهي في العدة بائنة.
أَمَّا لَوْ وَطِئ لَمْ تَسْقُطْ
لأنها وجبت وجوباً متحتماً كما تقدم.
وَلِذَلِكَ لَوْ ظَاهَرَ ثُمَّ وَطِئَ وَلَوْ نَاسِياً ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ كَفَّرَ أَجْزَأَ اتِّفَاقاً، وَلَوْ ظَاهَرَ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ أَعَادَهَا لَمْ يُجْزِئه؛ لأَنَّهُ كَفَّرَ قَبْلَ الْوُجُوبِ ....
أي: لأجل أنها لا تسقط بالوطء، ويحتمل لأجل ما ذكره من الفرق بين أن يعود بالوطء أو بغيره لو ظاهر ثم وطئها ولو ناسياً، ثم أبانها لزمته الكفارة ولم تسقط عنه؛ لأنها تحتمت بالوطء، وما ذكرناه من قولنا: (لزمته الكفارة) أحسن من قوله: (ثُمَّ كَفَّرَ أَجْزَأَ اتِّفَاقاً) لأن قوله أجزأه يوهم أن له ألا يفعل، ولا يقال: هذا الوهم يزول بقوله أولاً: (أما لو وطئ لم تسقط) لاحتمال أن يخصص الكلام المتقدم بما إذا كانت باقية في العصمة، وما حكاه من الاتفاق صحيح باعتبار النصوص، وإلا فقد أشار ابن رشد وغيره إلى أنه يلزم

الصفحة 536