كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

على القول بأن العود الوطء نفسه ألا تجب عليه الكفارة بأول وطء، بل له أن يطأ مرة، ثم لا يطأ حتى يكفر، فعلى هذا تكون الكفارة قد وجبت بالوطء المتقدم، ويكون الحكم فيها كالمسألة السابقة، وقوله: (وَلَوْ ظَاهَرَ ثُمَّ أَبَانَهَا ... إلخ)، ظاهر التصور.
وَالْكَفَّارَةُ إِحْدَى ثَلاثٍ مُرَتَّبَةٌ: الْعِتْقُ، وَالصَّوْمُ، وَالِإطْعَامُ
لا خلاف في ترتيبها، وأن العتق أولاً، ثم الصيام ثم الإطعام. وقوله: (إِحْدَى ثَلاثٍ)، يقتضي أن الكسوة لا تصح فيها، وهو المعروف، وفي النوادر: قال ابن القاسم في الأسدية فيمن كسا وأطعم عن كفارة واحدة: لا يجزئه، ووقع في المجالس: يجزئه، وأظنه قول مالك، وقال أشهب: لا يجزئه.
الباجي: وفي الموازية فيمن ظاهر من أربع نسوة، وأطعم عن واحدة ستين وكسا عن أخرى ستين، [385/ب] ثم وجد العتق فعتق عن واحدة غير معينة، ولم يقدر على رقبة إلى أربعة فليطعم أو يكسي، ويجزئه.
الشيخ أبو محمد: وانظر قول محمد في الكسوة ما أعرفه لغيره.
الباجي: وهو يحتمل عندي وجهين، أحدهما: أنه من باب إخراج القيم في الكفارة، فتخرج الكسوة عن الطعام إذا كانت في مثل قيمته أو أكثر، وهل يجب على هذا ألا يراعي قدر الكسوة، والثاني: أنه رآها خصلة رابعة قياساً على كفارة الأيمان على رأي من صحح دخول القياس في الكفارة، وهذا معنى كلامه. وفي الأول بعدٌ؛ لأنَّا وإن قلنا بإخراج القيمة فلا نأمره بذلك ابتداء، وقوله في المسألة الثانية: فليطعم أو يكسي، يقتضي أنه مأمور بذلك ابتداء.
فَيُجْزِئُ عِتْقُ مَنْ يُجْزِئُ فِي الصِّيَامِ والأَيْمَانِ، وَهِيَ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ غَيْرُ مُلَفَّقَةٍ مُحَرَّرَةٌ لَهُ سَلِيمَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ شَوَائِبِ الْعِتْقِ وَالْعِوَضِ ..
إنما قال: (يُجْزِئُ عِتْقُ مَنْ يُجْزِئُ فِي الصِّيَامِ والأَيْمَانِ) وإن لم يتقدم ما يجزئ فيها؛ لأنه أراد إفادة الحكم في الجميع، ثم شرع المصنف في بيان ما يتعلق بالقيود أولاً فأولاً.

الصفحة 537