كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

بعد عجزه عن العتق وأما مع العجز، فقال ابن عبد السلام: أشار بعض المتأخرين إلى أن قول مالك اختلف في الأصل الذي تبنى عليه هذه المسألة، وهو: هل المعتبر في الكفارة يوم الوجوب أو الأداء؟ وأشار غيره إلى حصول الاتفاق في هذه الصورة على عدم الإجزاء.
ابن عبد السلام: وانظر إن لم يكن اتفاق صحة الجمع بين الثانية والثالثة، وأما الجمع بين الأولى والثانية فيعارض فيه شيء آخر، وهو أنَّا إذا منعنا من التلفيق بين نصفي رقبتين فأحرى أن يمنع من التلفيق بين نصف رقبة ونصف صوم وليس هذا التعارض بالقوي.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ ثَلاثاً عَنِ أَرْبَعٍ لَمْ يُجْزِهِ
لأن العتق لا يبعَّض.
وَلَوْ أَعْتَقَ أَرْبَعاً عَنْ أَرْبَعٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ
لهذه المسألة- أعني: إذا أعتق أربع رقبات ع نأربع نسوة- أربع صور. إن قصد التشريك في كل واحدة لم تجزه واحدة منهن، وهي كالتي قبلها، وإن قصد كل واحدة عن واحدة أجزأه. واختلف إذا أطلق ولم يعين ولا شرك، فقال ابن القاسم: تجزئه، واختلف فيها قول أشهب.
اللخمي: والإجزاء أحسن. فقول المصنف: (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) هو على قول ابن القاسم.
وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلاثاً عَنْ ثَلاثٍ مِنْهُنَّ وَلَمْ يُعَيِّنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ لَمْ يَطَا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يُكَفِّرَ عَنِ الرَّابِعَةِ، وَلَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلَّقَهَا ...
هذا الفرع مبني على قول ابن القاسم وأحد قولي أشهب، وأما على قول أشهب بعدم الإجزاء فلا يجزيه من الثلاثة، وقوله: (لَمْ يَطَا وَاحِدَةً)؛ لأنه بمنزلة ما لو اختلطت ذات محرم بثلاث نسوة أجنبيات، أو ميتة بثلاث ذكيات، ولم تعلم، وقوله: (وَلَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلَّقَهَا) مبالغة؛ أي لا يطأ واحدة، ولو ماتت منهن واحدة أو طلقها، بل وكذلك اثنان وثلاث، فلا يطأ الباقية حتى يكفر لاحتمال أن تكون هي التي لم يكفر عنها.

الصفحة 541