كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

باتفاق، وذهب أبو عمران إلى أن العتق يجزئ على قول ابن القاسم، وإن لم ينوِ العودة، بناءً على أن ابن القاسم لم يشترطها، وقد قدمنا أنه قد أنكرت هذه النسبة لابن القاسم.
الصِّيَامُ: وَشَرْطُهُ الْعَجْزُ عَنِ الْعِتْقِ وَقْتَ الأَدَاءِ، وَقِيلَ: وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجاً إِلَى مَا بيَدِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِمَنْصِبِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا
لما انقضى كلامه على العتق شرع في الصيام، ولا خلاف أن من شرطه العجز عن العتق، وهل وقت الأداء- أي: إخراج الكفارة- وهو مذهب المدونة، أو الوجوب- أي وقت العود- ما تقدم، وهو ظاهر ما وقع لابن القاسم في الموازية؛ لأنه قال في المظاهر الموسر إذا لم يعتق حتى أعدم، فصام ثم أيسر: أنه يعتق، وجعله اللخمي خلافاً للأول، كالمصنف على ظاهره، وتأوله الباجي على الاستحباب، قال: لأن المؤدي لما عليه إنما ينظر لحاله يوم الأداء دون الوجوب [387/ب] كمن ضيع الصلاة، وهو قادر على القيام فأراد أن يقضيها حال عجزه عنه، فإنه يؤديها جالساً ثم لا يلزمه قضاؤها إن قدر على القيام، أو فرط في الصلاة مع إمكان أدائها بالماء، ثم قضاها بالتيمم لعدم الماء، فإنه لا يلزمه قضاؤها ثانياً عند وجود الماء.
الباجي: ويحتمل أن يريد أنه لما وجب عليه العتق تعلقت الرقبة بذمته، فلما أعسر قبل العتق أمر بالصيام؛ لأنه أبلغ ما يمكنه، بشرط إن أيسر بالرقبة التي تعلقت بذمته كان عليه إخراجها، وحكم الأموال في ذلك غير حكم الأعمال، والأول أظهر. وقال بعض القرويين: إنما ذلك لمن وطئ فلزمته الكفارة بالعتق ليسره، فلم يكفر حتى أعسر بصيام، وأما إن لم يطأ حتى أعسر فصام، ثم أيسر فلا يؤمر بالعتق.
وقوله: (وَإِنْ كَانَ .. إلخ)؛ يعني أنه غذا ملك رقبة لم يكن له الانتقال إلى الصوم وإن كان محتاجاً إلى ما بيده من عبد أو غيره لمرض أو منصب أو غيرهما، فإن قيل: فما الفرق بين هذا وعادم الماء، فإنه يجوز له أن يتيمم إذا كان محتاجاً لنفقة ما يشتريه به، والله سبحانه

الصفحة 548