كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

وهو قول محمد، فإنه قال: إذا أذن له سيده في الإطعام ومنعه الصوم أجزأه، وأصوب أن يُكفِّر، وهو مثل قوله في الكتاب في كفارة اليمين: إذا أذن له سيده أن يطعم أو يكسو يجزئ وفي قلبي منه شيء؛ والصيام أبين عندي، فلم يرَ مالك الإطعام والكسورة ملكاً مقرراً.
الثاني للأبهري: حمل قوله: (الصوم أحب إليَّ) على ما إذا كان عاجزاً في الحال، قادراً على الصيام في الاستقبال، فأذن له السيد في الإطعام، فأحب إليَّ أن يصبر حتى يكفر بالصوم. واعترضه ابن محرز فإنه إذا كان مستطيعاً للصوم في الاستقبال لزمه أن يؤخر، وإن كان لا يستطيع فلا يؤخر.
ابن بشير: وإنما بنى ابن محرز ذلك على قول ابن القاسم، الذي يقول: إذا عجز عن الصوم ناجزاً وهو يقدر عليه فيما بعد، أنه يلزمه التأخير، وأما على قول من يقول لا يلزمه التأخير، فيصح هذا الاعتذار.
التأويل الثالث للقاضي أبي إسحاق: وأن قوله: (أحب) يرجع إلى السيد؛ أي أن إذن السيد في الصيام أحب إليَّ من إذنه في الإطعام.
ابن عبد السلام: وإلى هذا مال الأكثر، ووجهه أنه لما اختلف قول مالك هل للسيد منعه من الصوم إن أضر به أم لا؟ استحب الأخذ بأحوطها، وهو الصيام، وقال أبو عمران: إن (أحب) هنا على الوجوب.
وفِيهَا: قَالَ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ بِاللهِ أَجْزَأَهُ، وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ
لعله ذكر هذه المسألة استشهاداً للشاذ في أنه لا يجزئه الإطعام، وإن أذن له فيه سيده، وقال ابن عبد السلام: ذكرها بإثر السابقة، وكذلك هي في المدونة، كالمستدل بها على صحة التأويل الأول؛ لأنه لا يشك أن الشيء الذي في قلب الإمام من جهة الإطعام، إما هو عدم صحة ملك العبد أو الشك في ذلك.

الصفحة 553