كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

بِخِلافِ أَوَّلِ يَوْمٍ فَإِنَّه لا يَحْرُمُ فِطْرُهُ ثَانِياً كَقَضَاءِ رَمَضَانَ، بِخِلافِ رَمَضَانَ والنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وصَوْمِ التَّطَوُّعِ ...
أي: في بقية اليوم؛ لأنه لا حرمة للزمان، ولا يفسد بفطره ثانياً كقضاء رمضان، بخلاف رمضان والنذر المعين، وصوم التطوع صحيحاً، وإنما دخل على أنه واجب، فتبين أنه غير واجب، وقضاء رمضان مشارك له في هذا المعنى.
وقوله: (لا يَحْرُمُ) وقع في بعض الروايات (ويكره) وهو ظاهر؛ لأنه دخل بنية القربة، فاستحب له إتمامها، بخلاف رمضان والنذر المعين وصوم التطوع، فإنه يحرم الفطر في الثلاثة، إذا أفطر أولاً ناسياً، أما الأولان فلتعين زمانهما، وأما الثالث، فلأن الفطر على سبيل النسيان، لما كان لا يفسده، صار فطره ثانياً عمداً كفطره أولاً.
وَيَنْقَطِعُ بِالْعَمْدِ، وفِي الْجهلِ: قَوْلانِ
هكذا في بعض النسخ (بالعمد) وهو بيّن، وفي بعضها (بالعيد)، فيحمل كلامه على إذا ما إذا ابتدأ في شهر العيد عالماً به، وأما الجاهل فقد أشار إليه بقوله: (وفي الجاهل) قولان، قال في المدونة: وإذا صام ذا القعدة وذا الحجة لظهار عليه، أو قتل نفساً خطأ لم يجزه إلا من فعله بجهالة، وظن أنه يجزيه، فعسى أن يجزيه، وما هو بالبين، وأحب إليَّ أن يبتدئ، ونحوه لابن وهب إن كان عالماً ابتدأ، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه، وقال أشهب وسحنون: لا يجزئه.
عياض: هل الجهالة التي عذره بها في المدونة الجهالة بالحكم، أو الجهالة بالعدد وتعين الشهر، وغفلته أن فيه فطر، فيكون كالناسي؟ وأشار إلى أن في المبسوط والمدونة ما يبين أن المراد الثاني لأجل الحكم، واختلف في تأويل المدونة من الإجزاء، فقال أبو محمد: يريد:

الصفحة 558