كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

وعلى القطع بالنسيان لَوْ صَامَ أَرْبَعَةً عَنْ ظِهَارَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ يَوْمَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ لا يَدْرِي مَوْضِعَهُمَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَصُومُ يَوْمَيْنِ يَصِلُهُمَا ثُمَّ يَقْضِي شَهْرَيْنِ، وقَالَ سَحْنُونُ: يَوْماً وشَهْرَيْنِ ...
يعني: إذا فرعنا على أن النسيان يقطع التتابع، لو ذكر أنه أفطر يومين مجتمعين ناسياً لا يدري موضعهما، هل هما من الأولى أو من الثانية، أو أحدهما آخر الأولى، والثاني أول الثانية، فقال ابن القاسم: يصوم يومين يصلهما، ثم يقضي شهرين، وقال سحنون: لاحتمال أن يكونا من الأخيرة، فلا ينتقل عنها، وهو قادر على تمامها، ثم يقضي شهرين لاحتمال أن يكونا من الأولى، أو أحدهما من الأولى والآخر من الثانية، ورأى سحنون أنهما إن كانا من الأولى فقد صحت الثانية، وإن كانا من الثانية فقد صحت الأولى، وعلى هذين الاحتمالين يبدأ بالشهرين اللذين أمر بإتيانهما، ولم يبقَ إلا احتمال واحد، وهو أن يكمل كل يوم من واحد، فيصوم يوماً ثم يقضي شهرين.
فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا مِنْ أَحَدِهِمَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مِثْلُهَا، وقَالَ سَحْنُونُ: يَصُومُ شَهْرَيْنِ، وهُمَا عَلَى الْخِلافِ فِيمَنْ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ إِحْدَى رَكْعَتَيْنِ .....
فوجه قول ابن القاسم كما تقدم، وأما سحنون فهو إنما أمره باليوم في الأولى لاحتمال الثالث، وهو منتفٍ هنا، وقوله: (وهُمَا عَلَى الْخِلافِ) هو إشارة إلى تنظير المسألة بمسألة قد قدمها في سجود السهو، وهو ما إذا ذكر في آخر صلاته سجدة، ولا يدري من أي الركعات هي، فقال ابن القاسم: يسجد الآن سجدة لاحتمال أن تكون من الأخيرة، ثم يأتي بركعة لاحتمال أن تكون من غيرها، وقال أشهب وأصبغ: يأتي بركعة فقط، والمصنف وإن لم يقدم عن سحنون في مسألة الصلاة شيئاً، لكن كلامه هنا يدل على أن سحنون موافق لأصبغ، وهذا إن ثبت النقل فواضح، وإن كان المصنف أخذ من قول سحنون أنه موافق لأصبغ في الصلاة، وقد يفرق بينهما بقوة حرمة الصلاة، فيجوز أن

الصفحة 560