كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

قوله: (فَلَوْ غَلَبَ ... إلخ)؛ يعني فلو عجز في الحال عن الصيام، إما لمرض أو حد وغلب على ظنه أنه سيقدر عليه في المستقبل، فهل يجب عليه التأخير؟ قولان، وفهم من قوله: (فلو غلب على ظنه) أنه لو آيس من القدرة على الصيام لأطعم اتفاقاً، وهو صحيح.
اللخمي: وينتظر إذا رجا الصحة بالقرب، واختلف إذا رجا ذلك بعد طول، وقوله: (ظن قدرته) يقتضي أنه لو شك لأطعم، ويتبين لك ما في هذا بسياق مسألتي المدونة، وذكر بعض من تكلم عليها، فالأولى: قال ابن القاسم: ومن صام عن ظهاره شهراً ثم مرض وهو لا يجد رقبة، لم يكن عليه أن يطعم، وإن تمادى به المرض أربعة أشهر لم يدخل عليه الإيلاء؛ لأنه غير مضارٍّ، وينتظر إفاقته، فإن صح صام، إلا أن يعلم أن ذلك المرض لا يقوى صاحبه على الصيام بعده، فيصير حينئذٍ من أهل الإطعام. وقال أشهب: إذا مرض صار من أهل الإطعام.
والثانية: ومن تظاهر وهو مريض مثل الأمراض التي يصح من أمثالها الناس، فلينتظر حتى يصح ثم يصوم، إذا كان لا يجد رقبة [390/أ] وكل مرض يطول بصاحبه، ولا يدرى أيبرأ منه أم لا، ولعله يحتاج إلى أهله، فليطعم، وليصب أهله، ثم إن صح أجزأه ذلك الإطعام؛ لأن مرضه كان إياساً، وقال أشهب: إذا طال مرضه وإن وجد برأه، وقد احتاج إلى أهله، فليطعم بظهار الأولى، إن ظن القدرة في المستقبل، والتردد في ذلك يمنع الإطعام عند ابن القاسم، ولا يمنع عند أشهب، وظاهر الثانية أن التردد لا يمنع من الإطعام عند ابن القاسم؛ لقوله: ولا يدري أيبرأ منه أم لا؟ واختلف القرويون هل الثانية مخالفة للأولى أم لا؟ واختلف القرويون هل الثانية مخالفة للأولى أم لا؟ والقائلون بأنها ليست خلافاً للأولى، فرقوا بينهما بأن المكفر في الأولى دخل في الصيام، وفي الثانية لم يدخل، وللدخول في العمل تأثير في التمادي، وإلى هذا ذهب ابن شبلون، وبعض من ذهب إلى حمل المسألة على الخلاف، قال: يتحصل في المسألة أربعة أقوال:

الصفحة 562