كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

فَيَصِحُّ مَعَ الرِّقِّ والْفِسْقِ
أتى بالفاء المشعرة بالسببية، أي فلدخول الرق والفسق تحت الزوج صح لعانهما، سواء كان الرق أو الفسق فيهما، أو في أحدهما، ونبه المصنف بهذا على خلاف أبي حنيفة، في قوله رحمه الله: أنه لا يصح اللعان إلا ممن تصح شهادته، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ}، والجواب أنه استثناء منقطع، وهو وإن كان على خلاف الأصل، لكن يعينه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث هلال بن أمية: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن"، ولأجل أن اللعان يمين وليس بشهادة، دخلت المرأة فيه، وليس لها مدخلاً في الشهادة على الزنا، ولأن العبد والفاسق تدعوهما الضرورة إليه، فوجب أن يباح لهما قياساً على الحر العدل.
وَشَرْطُ الْمُلاعِنِ: أَنْ يَكُونَ زَوْجاً مُسْلِماً مُكَلِّفاً- فَيُلاعِنُ الْحُرُّ الْحُرَّةَ والأَمَةَ والْكِتَابِيَّةَ، وكَذَلِكَ الْعَبْدُ فِيهِنَّ ....
احترز بالزوج من السيد، فإنه لا لعان عليه، ونقل المتيطي أنه وقع للشيخ أبي عمران في أسئلة الباجي، أن اللعان يكون مع شبهة النكاح، وإن لم تثبت الزوجية، وهذا مما يشكل به قول المصنف (زَوْجاً).
[391/أ] وقوله: (مُسْلِماً): يخرج الكافر، فلا يصح لعانه، قال في المدونة: ولا لعان بين الكافر، فإن ترافع هو وزوجته، وتراضيا أن يحكم بينهم بحكم الإسلام، فقال أبو عمران: يتلاعنان، قال: فإن نكلت المرأة، فعلى قول عيسى: ترجم، وعلى قول البغداديين، لا ترجم، لأن أنكحتهم فاسدة، وإنما يجب على من نكل منهم الحد، كالمتلاعنين قبل البناء.

الصفحة 568