كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

مَرَّةً)، فإن ادعاه بعد ذلك لحق به، وهذه الأقوال التي قالها الإمام مطلقة، سواء كانت حاملاً يوم الرؤية أم لا، وهذا قال في المدونة في القول الثالث، وقال بنفيه مرة، وإن كانت حاملاً، وفصل ابن القاسم، وتفصيله ظاهر، لأنه لا يلزم من لعانه لنفي الحد عنه نفي حمل ظاهر، والظاهر أنه لا يشترط الظهور، بل إنما يشترط أن تأتي بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية، ولو قيل أنه للأول ولو أتت به لستة أشهر- لأن الوضع في ستة أشهر نادر، والأصل إلحاق الولد بالفراش- لكان حسناً، فإن قيل: في قول المصنف (أحب) نظر، إذ هو موضع الجزم لعظم أمر الأنساب، وإنما يقال أحب في باب العبادات، قيل: إنما حمله على ذلك اضطراب مدارك الإمام، فلم يستطع الجزم بمخالفته، والله أعلم.
وقوله: (وقَالَ الْمَخْزُومِيُّ)، نصه في المدونة: وقال المخزومي إن أقر بالحمل وادعى رؤيةً لاعن، فإن وضعت [392/أ] لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية، فالولد منه، وإن كان لستة أشهر فأكثر فهو اللعان، وإن ادعاه بعد لك لحق به ويحد.
تنبيهات:
الأول: في كلام المصنف مناقشة، فإن مقتضاه أن لابن القاسم في المسألة قولين، كل منهما مخالف لقول مالك، وليس كذلك، بل قوله: (إِنْ أَتَتْ بِهِ لأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ لَزِمَهُ)، مفسراً لقول مالك الأول الذي قال فيه: لم يلزمه مرة، كذلك هو في المدونة وغيرها، ولفظها: قال مالك: ولا يلزمه ما أتت به من ولد.
ابن القاسم: إلا أن تأتي به لأقل من ستة أشهر، من يوم الرؤية فيلزمه، وفي المقدمات: اختلف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: الأول: أن الولد ينفيه باللعان على كل حال، وإن ولده لأقل من ستة أشهر، وهو أحد قولي مالك في المدونة. والثاني: أنه لا ينفيه بحال، وإن ولد لأكثر من ستة أشهر، ويلحق به، وهو قول أشهب وعبد الملك. والثالث: التفرقة بين أن يولد لأقل من ستة أشهر أو لأكثر منها، وهذا القول الثاني لمالك في المدونة، انتهى.

الصفحة 574