كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

الحد، إلا أن يلاعن، وسواء قال ذلك لمن قامت عليه أم لا، هذا قول ابن القاسم، وقال عبد الملك: يحد للأولى، ولا لعان له فيها، لأنه قذف ثان قد أكذب نفسه فيه.
محمد: ولو قال للثانية: أما أنت فقد صدقت عليك، وكذبت على صاحبتك، لا عن الثانية، وقول ابن القاسم هنا، أنه يلاعن الأولى إذا رجع بعد أن كذب نفسه، خلاف المعروف من المذهب، وخلاف الأصول، انتهى.
وكَذَلِكَ فِي الزِّنَا والْوَلَدِ جَمِيعاً
يعني: إذا قال: هذا الولد ما هو مني، وزنيت قبل الحمل أو بعده، فإنه يكفي فيهما أيضاً لعان واحد، لأن حاصل قوله راجع إلى قذف المرأة بالزنا مرات، وكما اكتفي لذلك الحد الواحد، كذلك اكتفى بلعان واحد.
ومَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْحَمْلِ لِجَوَازِ انْفِشَاشِهِ، ورُدَّ بأَنَّ الْعَجْلانِيَّ وغَيْرَهُ لاعَنَ فِي الْحَمْلِ لِظُهُورِهِ كإيجاب النَّفَقَةِ والرَّدِّ بِالْعَيْبِ ....
يعني: اختلف فيمن نفى حملاً ظاهراً، فالمشهور أنه يعجل كما يقضي للمطلقة بنفقة الحمل، إذا ظهر حملها، وكما يجب الرد للمشتري إذا اشترى جارية وظهر حملها، ولا يؤخر فيهما إلى الوضع، ومنع عبد الملك اللعان قبل الوضع خشية أن ينفش، ورواه عن مالك، والفرق على قوله بين اللعان، وما ذكر أن اللعان تترتب عليه أمور عظام عظام من فسخ النكاح والحرمة على التأبيد ووجوب الحد، واستدل [393/ب] محمد للمشهور بأ، قال: السنة أن يلاعنها حاملاً، وقد لاعن النبي صلى الله عليه وسلم في عويمر وامرأته حامل، وإلى هذا أشار بقوله: (ورُدَّ بأَنَّ الْعَجْلانِيَّ وغَيْرَهُ لاعَنَ فِي الْحَمْلِ).
اللخمي وغيره: وليس هذا الرد بالبين، لأن عويمر أو هلال بن أمية لم يكن سبب لعانهما إنكار الحمل، وإنما كان السبب في لعانهما الرؤية، نعم كانت امرأة العجلاني حاملاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن جاءت به على وجه كذا ... وإلا فقد كذب عليها".
اللخمي: والخلاف إنما هو إذا لم تكن رؤية، أو كانت ولم تقع بقذفها.

الصفحة 582