كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

التعن، قال غيره: وإن قذفها برؤية غير الغصب تلاعنا جميعاً، فأما إن غصبت واستمرت حاملاً، ونفى الولد لم ينتف الولد إلا بلعان، ولا تلاعن هي، إذ تقول: إن لم يكن منك فمن الغاصب. ابن عبد السلام: فلم يتعرض ابن القاسم إلى الولد بوجه، مع أنه أثبت اللعان، واختلف الشيوخ في كلام غيره، هل هو تفسير أو خلاف؟ والأقرب أنه تفسير، وأن ابن القاسم تكلم على ما إذا لم يظهر حمل عن ذلك الغصب، وتكلم غيره على ما إذا ظهر، واعلم أن المسألة على صورتين:
إحداهما: أن يظهر الغصب أو يثبت، وهذه هي التي تكلم عليها المصنف.
اللخمي: وإذا ثبت الاغتصاب ببينة، كان كثبوت الزناء، فيختلف إن قال: ليس مني، وقد كنت استبرأتها؛ هل ينفيه بلعان أو بغيره؟ واختلف قول ابن القاسم إذا كذبته وقالت: هو منه، وإذا كان الحكم لا ينتفي إلا بلعان، فإن اللعان على الزوج وحده، فإن نكل لم يحد، وإن لاعن لم يكن عليها لعان، لأنها تقول: يمكن أن يكون من الغاصب، وأرى ألا ينتفي إلا بلعان، لاتفاقهم إذا كانت الزوجة أمة أو نصرانية، أنه لا ينتفي إلا بلعان، وإن كان لا حد عليه في قذفها.
الصورة الثانية: ألا يثبت الغصب ولا يظهر، وهي أيضاً تنقسم إلى صورتين، الأولى أن تصدقه، والثانية أن تنكر الوطء جلمة، فإن صدقته لم ينفه إلا بلعان، وتلاعن أيضاً هي. ابن المواز وابن عبد الحكم: وتقول: ما زنيت، ولقد غلبت على نفسي، وكذلك قال ابن القاسم، وتقول: بالله إني لمن الصادقين ما أطعت، وتقول في الخامسة: غضب الله عليها إن كانت من الكاذبين. محمد: ويفرق بينهما، فإن نكلت رجمت.
اللخمي: ولا نعلم لرجمها وجهاً، لأن الزوج لم يثبت عليها في لعانه زنى، وإنما أثبت غصباً، فلا لعان عليها، كما لو أثبتت البينة الغصب، ولو لاعنته لم يفرق بينهما، لأنها إنما أثبتت بالتعانها الغصب، وقد صدقها الزوج، ولها أن تقول في الأربع: أشهد بالله إنه لمن

الصفحة 586