كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

الصادقين، ولقد صدق، وهذا خارج عما ورد في القرآن مما يوجب الحد بنكولها، أو يوجب الفراق إن نكلت، فإن قيل: لم قال ابن القاسم فيما إذا تصادق الزوجان على الغصب أن الولد لا ينتفي إلا بلعان، بخلاف ما إذا تصادقا على الزنا؟ فالجواب أن الزانية لما كانت تحد لإقرارها بالزنى انتفت عنها التهمة، بخلاف التي أقرت بالغصب، فإنه لا حد عليها، فلم تصدق في رفع النسب، قاله صاحب النكت، وأما الصورة الثانية، وهي إذا ادعى الغصب وأنكرته هي، فقال اللخمي: على قول محمد يلتعنان جميعاً، قال: والصواب إذا التعن ألاَّ لعان عليها، لأن الزوج إنما أثبت في التعانه أنه اغتصاباً.
فرعان:
الأول: إذا نكل الزوج عن اللعان مع ثبوت الغصب بالبينة، وتصادقا عليه، لم يحد، وكذلك إن ادعاه وأنكرته، لأن محمل قول الزوج محمل الشهادة، لا محمل التعريض، قاله محمد وغيره.
الثاني: إذا قالت: كنت مغتصبة، وقال: بل كنت طائعة؛ وهي مقرة بالوطء، مدعية للغصب. اللخمي: فعلى قول ابن القاسم، تحد، ولا لعان على الزوج، وعلى قول أشهب، لا تؤخذ بغير ما أقرت به، ويلتعن الزوج، فإن نكل لم يحد، للاختلاف.
فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا لاعَنَ هُوَ دُونَهَا
أي: كانت الصغيرة المطيقة للوطء، لا يخشى منها الحمل، فقال ابن القاسم: يلاعن وإن نكل حُدَّ، ولا لعان عليها، لأنها لو أقرت بالزنى لم تحد، وهو جار على المشهور أن من قذف صبية غير بالغة يمكن وطؤها يحد، وقال ابن الماجشون: لا حد على من قذف من لم تبلغ من الإناث، فعلى هذا لا يلاعن ولا يحد، وخرج اللخمي ثالثاً، أنه يحد ولا يلاعن من أحد قولي مالك أن اللعان إنما يكون لنفي الحمل خاصة.

الصفحة 587