كتاب التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 4)

جعل الشرع اللعان يقوم مقام الحد، ولو حد لأحدهما سقط عنه الحد للآخر، وأيضاً فإن هلال بن أمية رمى زوجته بشريك بن سحماء، فلاعن ولم يحد له، وأجيب عن هذا بأنه لم يطلبه، وهو صحيح على الأصح، لأنه حق لآدمي.
فرع:
وأما إن لم يسم الرجل، فالمذهب أنه لا حد عليه، خلافاً للشافعي في أحد قوليه لنا أن حد القذف لا يجب استئنافه إلا بمطالبة مستحقه، والمجهول لا يستحق المطالبة، فكان كمن قال رأيت رجلاً يزني.
وعَلَى حَدِّهِ- مَعَ وُجُوبِ إِعْلامِهِ- قَوْلانِ
أي: وإذا فرعنا على المشهور من أنه يحد، ففي الجواهر: ليس على الإمام أن يعلمه، وروي أن ذلك عليه ومنشأهما: هل الحد حق لله فلا يجب إعلامه، أو حق للآدمي فلابد من إعلامه؟ وهو الأقرب، أما أولاً فلأنه قد يعترف فيسقط الحد، وأما ثانياً، فلأن الأصح أنه من حقوق الآدميين، بدليل أنه يورث ويسقط بالعفو، قبل بلوغ الإمام، فإن قيل هذا معترض لأنه هنا قد بلغ الإمام، فالجواب أنه ولو بلغ الإمام، فإن له العفو إذا أراد ستراً على نفسه على ظاهر المذهب، فإن بعض من رأى وجوب إعلامه، وهذه المسألة إحدى المسائل التي استثنيت من النميمة.
ولَوْ لاعَنَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يُحَدَّ عَلَى الأَصَحِّ
تصور المسألة من كلامه واضح، والأصح مذهب محمد، قال: لأنه إنما لاعن لقذفه إياها، والقول بوجوب الحد نقله عياض عن ابن نافع، ونسبه في المدونة لربيعة، وفي الموازية لابن شهاب، لأنه قذفها وليست بزوجة، واختاره التونسي، فإن قلت: ما قاله المصنف هنا مخالف لما قاله في القذف، ولو حد ثم قذفه ثانياً حد ثانياً على الأصح، قيل:

الصفحة 597